للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن الدّين الذي في ذمة المدين، هو أحد العوضين، وما دام أنه توضع الجائحة في المثمن، فكذلك ينبغي وضعها في الثمن، ومثله القرض.

ويرى المؤلف أن هبوط قيمة النقود إذا بلغ الثلث فهو جائحة يجب وضعها كلها، إذا كان هذا الهبوط ناتجاً عن حروب خارجية، سواء اجتاحت جيوش العدو بلداً ما، أو كانت الحرب بين بلدين، أو كانت حروباً داخلية، كما وقع في لبنان، والصومال، وغيرهما. أو كان هبوط العملة بسبب البراكين أو الزلازل، أو الفيضانات، أو الأعاصير، أو أمر السلطان بتخفيض قيمة العملة، فإذا كان الأمر كذلك وتم هبوط قيمة العملة بمقدار الثلث، ففي هذه الأحوال، ومع توافر الشروط المذكورة، فإني أرى اعتبار هذا جائحة، ومن ثم يجب رد الدين أو القرض بقيمته قبيل حدوث الجائحة المذكورة، أو أسبابها، ومقدماتها.

يؤيد ذلك ما توصل إليه المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، في قراره السابع (١) بشأن الظروف الطارئة، وتأثيرها في الحقوق والالتزامات العقدية؛ حيث أصدر بشأنها قراراً يكفل رفع الضرر عن الطرفين، واعتبار هذا ضرورة لحل النزاع، وتحقيق العدالة، فجعل للقاضي عند التنازع والطلب من أحد الطرفين تعديل الحقوق والالتزامات العقدية، بصورة توزع الخسارة على الطرفين المتعاقدين. وقد جاء في القرار المذكور أنه: «قد يطرأ بعد إبرام عقود التعهد ونحوها من العقود ذات التنفيذ المتراخي، في مختلف الموضوعات من تبدل مفاجئ في الظروف، والأحوال ذات التأثير الكبير في ميزان التعادل الذي بنى عليه الطرفان المتعاقدان حساباتهما، فيما يعطيه العقد كلاً منهما من حقوق وما يحمله إياه من التزامات، مما يسمى اليوم في العرف التعاملي بالظروف الطارئة» (٢).


(١) كان هذا عام ١٤٠٢ هـ
(٢) مجلة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، العدد الثاني، ص ٢٢٣، وانظر: فقه الضرورة وتطبيقاته المعاصرة آفاق وأبعاد ص ١٤٥ وما بعدها، للدكتور عبد الوهاب أبو سليمان.

<<  <   >  >>