للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن رمضان، قريب المفتي حسين، الجد الأعلى لابن العنابي. فإذا أمعنا النظر في المعلومات التي لدينا عنه توصلنا إلى عدة أمور، منها أنه أصلا من مدينة عناية الجزائرية، وإنه ولد بها، ثم انتقل منها إلى مدينة الجزائر طلبا للجاه والحظوة، وتزوج بها وتثقف وعاش إلى سنة ١١٣٠ م. وأنه كان أيضا على مذهب الحنفية. وأنه كان يدعى (العنابي) وليس (ابن العنابي). فقد جاء في مقدمة أحد كتبه (يقول مصطفى بن رمضان الحنفي البوني العنابي المنشأ الجزائري الدار. وبعد فإنه لما انتقلت من بلدي، بلد العناب، دار القرابة والأحباب:

بلاد بها نيطت علي تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها

واستوطنت الجزائر، المعجبة لكل زائر، بلدة قال فيها الشاعر:

وما الحسن ما ضم العراق وإنما ... هو الحسن ما انضمت عليه الجزائر

بلاد بها الخيرات حلت وخيمت ... وأول قصد الحر فيها وآخر) (١٠)

فهذم الشهادة لا تدع مجالا للشك في أن مصطفى بن رمضان من بلدة عنابة (خصوصا وقد أكدها بالبوني) وأن أسرته وأقاربه أيضا من هناك (وقد أكد ذلك بعبارة دار القرابة والأحباب)، وأنه قد انتقل منها إلى الجزائر ذات الجمال والرونق التي كان يطمح إليها كل زائر، لا سيما خلال القرن السابع عشر الميلادي الذي بلغت فيه شهرتها قمتها، ولعل الشيخ مصطفى قد توجه إلى مدينة الجزائر طمعا في تولي منصب هام كالقضاء، أو الفتيا وهو المنصب الذي كان يتنافس عليه علماء وقته كما أن مذهبه الحنفى يجعله مرشحا دون غيره لهذا


(١٠) من كتاب له مخطوط بجامع البرواقية، سنتعرض له، رقم ١٥.
ومما يؤكد نسبته إلى عنابة ما جاء في مقامة صديقه وبلديه، أحمد البوني، من مدح ووصف له بالعنابي ثم الجزيري (الجزائري) وبأنه قضاء حوائج. والمقامة مكتوبة سنة ١١٠٦ مما يدل أيضا على أن مصطفى العنابي كان قد انتقل الى الجزائر قبل هذا التاريخ. انظر هذه المقامة في كتابنا (تجارب في الأدب والرحلة)، الجزائر، ١٩٨٤ م.

<<  <   >  >>