للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - المشاورة، أو بتعبيرنا اليوم ديمقراطية الحكم وعدم الاستبداد بالرأي والتصرف.

٣ - عدم استعمال الولاة أو (الإطارات) إذا كانوا راغبين في الولاية أو (الوظيفة).

ورغم أن الحاكم ما هو إلا فرد من الأمة فإن المشورة ضرورية له لأن رأيه الفردي لا يستطيع أن ينفذ إلى كل الأغوار ولا أن يحيط بكل شيء. لذلك وجب عليه شرعا أن تكون له مجالس (استشارية) مع العلماء وأصحاب الرأي في الأمة. وقد أورد المؤلف آيات وأحاديث في الأمور الثلاثة السابقة. ومما جاء في الأمر الأخير أن رجلا جاء للرسول يطلب تعيينا فرد عليه الرسول (لا نستعمل على عملنا من طلبه)، وعلق ابن العنابي على ذلك بقوله أن الولايات أمانات، وطلب الأمانة دليل على الخيانة.

وربط المؤلف بين عدة أمور أخرى تعتبر من صميم نجاح الحكم وقوته. من ذلك أن نجاح أي حكم يتوقف على إجراء العدل بالدرجة الأولى، لأن الظلم مصدر خراب الدولة. وبين أهمية الجيش لقوة الدولة، وكذلك وفرة المال، وحرمة العلماء، وانتشار العمران، وقد أعطى أهمية خاصة لمكانة العلماء والجيش في الدولة. وحذر من مغبة التبذير والإسراف في صرف أموال الأمة وجمعها بطريقة الإكراه وأخذها ممن يعجز عن دفعها. ومما نقله عن بعضهم تأييدا لرأيه أن (الملك بناء والجند أساسه، فإذا قوي الأساس دام البناء وإذا ضعف الأساس انهار البناء. فلا سلطان إلا بجند، ولا جند إلا بمال، ولا مال إلا بجباية، ولا جباية إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل. فصار العدل أساسا لسائر الأساسات).

ومن مظاهر عدل الحكام (والمؤلف يستعمل عبارة السلطان) أن يقرب منه (حملة العلم الذين هم حفاظه ورعاته وفقهاؤه، وهم الأدلاء على الله، والقائمون بأمر الله، والحافظون لحدود الله، والناصحون لعباد الله). وعلى الحاكم كذلك أن يتفقد جيشه باستمرار ويتعهده، لأن الجيش أساس الملك وهو حامي (الدين والحريم). أما المال فهو (قوة السلطان وعمارة المملكة). وعلى الحاكم أن لا

<<  <   >  >>