يأخذ من الرعية (إلا ما فضل عن مصالحها ومعاشها). وأن ينفقه فيما يعود بالفائدة على الرعية كمـ الطرق ورفع الجسور وإقامة الثغور. وقد قارن بين السياسة المالية للصينيين والفرس والعرب، ووجد أن أولئك يدخرون الأموال لوقت الحاجة أما هؤلاء فينفقونها فييا ينفع الرعية ويوسع عليما، لأن الرعية هي الجند، وعلى ذلك السيرة النبوية.
إن هذه الآراء للمؤلف حول سياسة الحكم، وإن كان جلها منقولا عن غيره، فإنها توضح مدى تبنيه لها وتحبيذه لها. والقضايا التي ذكرها في هذا المجال، كالعدل، والجند، ومكانة العلماء، والضرائب، والعمران، والمشاورة الخ. كانت حديث الساعة عندئذ لا سيما في مصر واسطانبول. وقد شاهد هو من استبداد الدايات في الجزائر وإرهاقهم الرعية بجباية الأموال قسرا واستعمالهم البايات (الولاة) الطاليين للعمل والمتآمرين من أجله مع الطائفة اليهودية (أسرة بكري وبوشناق)(٣٩) ما حرك في نفسه هذه الخواطر وجعله يكتب بإلحاح ما كتب. ولا شك أن ابن العنابي يقف، بآرائه السابقة، في طليعة المتنورين بالنسبة لوقته.
أما الخاتمة التي جعلها (في أمور شتى من أسباب النصر والقوة)، فقد حصرها المؤلف في معنى الآية الكريمة (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}.وهناك أربعة شروط تشترط في الحكام المرضي عنهم من الله والعباد، وهي:
١ - إقامة العدل.
٢ - إظهار شعائر الدين.
(٣٩) اسماعيل العربي (دور اليهود في الدبلوماسية الجزائرية في أواخر عهد الدايات) في (ملة تاريخ وحضارة المغرب، عدد ١٢، ديسمبر ١٩٧٤، ص ٣٧ - ٧١ انظر أيضا أطروحة العربي الزبيري (التجارة الخارجية للشرق الجزائري)، كلية الآداب - جامعة الجزائر، سنة ١٩٧٢. وقد طبعت في كتاب.