للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

افتتح ابن العنابي كتابه هذا بقوله: (يا من أجزنا بجوائز الإحسان، وأمدنا بعوائد العرفان، أحمدك حمد من آثرته بفضلك، وخصصته بمزيد طولك. أما بعد فيقول المستمد من الفيض الوهابي، محمد بن محمود بن محمد بن حسين العنابي، هذا ما اقتضاه إسعاف من يمحضني وأمحضه الود، ولا أرى لإنجاح مرامه من رد، من لم التحقيقات الإعجازية، بشرح نظم العلافات المجازية على وجه يجمع إلى الإيجاز إيضاحا، ويجوز إلى حسن الشرح بهاء وانشراحا، فدونك أيها الودود شرحا شريفا، ومجموعا لطيفا ظريفا، تهتز له الرؤوس العلية، وتتخطفه النفوس الذكية، فاقتطف ما شئت من أزهاره، واجتن ما أحببت من زاهي ثماره، ولا زلت بعين العناية ملحوظا، وبحمايته سبحانه مؤيدا محظوظا).

ويبدو أن هذا الودود الذي كان بمحض ابن العنابي الود كان شخصا غير واقعي، كما جرت العادة بين المؤلفين عندئد، وكما سبق لابن العنابي أن استعمل نفس الطريقة في كتبه الأخرى. ولكن ذلك لم يكن أمرا مؤكدا. فقد يكون المخاطب شخصا حقيقيا سأل ابن العنابي كتابة شرح على نظم العلاقات المجازية فاستجاب. ومهما كان الأمر، فإن طريقة ابن العنابي في شرح هذا النظم لا تختلف كثيرا عما كان يفعله معاصروه، فهو يذكر بيت الناظم ثم يأخذ في شرحه شرحا لغويا وأدبيا ونفسيا وبيانيا واصطلاحيا. وهكذا كان يذكر مع كل صنف من أصناف الخلافات آيات وأحاديث وأشعارا وحكما تؤكد ما ذهب إليه وتوضح مقصوده منه. وهو يذكر مصادر كثيرة يرجع إليها ويستأنس بأصحابها، فهو يذكر كتب التفاسير وأمهات الكتب الأدبية والدراسات البلاغية: الإتقان، وعروس الأفراح، ومغني اللبيب، والحواشي الخفاجية، والأغاني، وغيرها. وقد أشار أيضا إلى رأي جده في تفسيره بقوله: (قال مولانا الجد محمد بن حسين، قدس سره، فيما كتبه في التفسير). (ص ١٠, ٢٢, ٢٦, ٢٩ الخ.) كما يذكر آخرين بقوله: (وقال المولى أبو كمال) أو (قال المولى عبد الحكيم في حواشيه).

وعندما جاء ذكر صاحب النظم ترحم عليه ابن العنابي وجاء بأول بيت من النظم وهو:

<<  <   >  >>