قال: ولده تحفظهم، فو الله ما لهم من قليل ولا كثير. وكان الحسن بن عيسى بن زيد قد مات في حياة أبيه، وكان الحسين متزوجا ببنت الحسن بن صالح، فأتاه أحمد وزيد ابنا عيسى فنظر إليهما وأجرى لهما أرزاقا، ومضيا بإذنه إلى المدينة، فمات زيد بها، وبقي أحمد إلى خلافة الرشيد وصدرا من خلافته وهو ظاهر، ثم بلغ الرشيد بعد ذلك أنه يتنسك ويطلب الحديث وتجتمع إليه الزيدية، فبعث فأخذه وحبسه مدة إلى أن أمكنه التخلّص من الحبس، وخبره في ذلك يذكر مشروحا إذا انتهى الكتاب إلى أخباره، إن شاء الله تعالى.
حدثني عمي الحسن بن محمد، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه. قال: حدثنا محمد بن أبي العتاهية، قال: حدثني أبي «١» :
لما امتنعت من قول الشعر وتركته أمر المهدي بحبسي في سجن الجرائم، فأخرجت من بين يديه إلى الحبس، فلما أدخلته دهشت وذهل عقلي، ورأيت منظرا هالني، فرميت بطرفي أطلب موضعا آوي إليه أو رجلا آنس بمجالسته، فإذا أنا بكهل حسن السمت، نظيف الثوب، يبين عليه سيماء الخير فقصدته فجلست إليه من غير أن أسلم عليه أو أسأله عن شيء من أمره لما أنا فيه من الجزع والحيرة، فمكثت كذلك مليا وأنا مطرق مفكر في حالي، فأنشد هذا الرجل هذين البيتين. فقال:
تعوّدت مسّ الضرّ حتى ألفته ... وأسلمني حسن العزاء إلى الصبر
وصيّرني يأسي من الناس واثقا «٢» ... بحسن صنيع الله من حيث لا أدري
فاستحسنت البيتين وتبركت بهما وثاب إلى عقلي، فأقبلت على الرجل فقلت له: تفضل أعزّك الله بإعادة هذين البيتين.
فقال لي: ويحك يا إسماعيل، ولم يكنني، ما أسوأ أدبك، وأقل عقلك ومروءتك، دخلت إليّ ولم تسلم عليّ بتسليم المسلم على المسلم، ولا توجعت لي توجع المبتلي للمبتلى، ولا سألتني مسألة الوارد على المقيم حتى إذا سمعت من