ببيتين من الشعر الذي لم يجعل الله فيك خيرا ولا أدبا «١» ولا جعل لك معاشا غيره، لم تتذكر ما سلف منك فتتلافاه، ولا اعتذرت مما قدمته وفرّطت فيه من الحق حتى استنشدتني مبتديا، كأن بيننا أنسا قديما، ومعرفة شافية، وصحبة تبسط المنقبض! فقلت له: اعذرني متفضلا فإن دون ما أنا فيه يدهش.
قال: وفي أي شيء أنت، إنما تركت قول الشعر الذي كان جاهك عندهم وسبيلك إليهم، فحبسوك حتى تقوله، وأنت لا بد من أن تقوله، فتطلق، وأنا يدعى بي الساعة فأطالب بإحضار عيسى بن زيد بن رسول الله (ص) ، فإن دللت عليه فقتل لقيت الله بدمه، وكان رسول الله (ص) خصمي فيه، وإلّا قتلت، فأنا أولى بالحيرة منك، وأنت ترى احتسابي وصبري.
فقلت: يكفيك الله وأطرقت خجلا منه «٢» .
فقال لي: لا أجمع عليك التوبيخ والمنع، اسمع البيتين واحفظهما.
فأعادهما عليّ مرارا حتى حفظتهما، ثم دعى به وبي فلما قمنا قلت: من أنت أعزك الله؟.
قال: أنا حاضر «٣» صاحب عيسى بن زيد. فأدخلنا على المهدي، فلما وقف بين يديه قال له: أين عيسى بن زيد؟.