محمد بن جعفر بن محمد، وجماعة من آل أبي طالب. فلما أحضرهم وأراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر به، ثم بكى وقال: عزّ عليّ يا أخي أن أراك في هذه الحالة، وقد كنت أؤمل أن أقدّم قبلك، فأبى الله إلّا ما أراد. وأظهر جزعا شديدا وحزنا كثيرا.
وخرج مع جنازته يحملها حتى أتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن، فدفنه هناك إلى جانب هارون الرشيد «١» .
وقال أشجع بن عمرو السلمي «٢» يرثيه، هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي بن حمزة، عن عمّه، وذكر أنها لمّا شاعت غيّر أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد:
يا صاحب العيس يحدي في أزمّتها ... اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس
اقرأ السلام على قبر بطوس ولا ... تقرأ السلام ولا النعمى على طوس
فقد أصاب قلوب المسلمين بها ... روع وأفرخ فيها روع ابليس
وأخلست واحد الدنيا وسيدها ... فأيّ مختلس منا ومخلوس
ولو بدا الموت حتى يستدير به ... لاقى وجوه رجال دونه شوس
بؤسا لطوس فما كانت منازله ... مما تخوفه الأيام بالبوس
معرّس حيث لا تعريس ملتبس ... يا طول ذلك من نأى وتعريس
إن المنايا أنالته مخالبها ... ودونه عسكر جمّ الكراديس
أوفى عليه الرّدى في خيس أشبله ... والموت يلقى أبا الأشبال في الخيس
ما زال مقتبسا من نور والده ... إلى النبي ضياء غير مقبوس
في منبت نهضت فيه فروعهم ... بباسق في بطاح الملك مغروس
والفرع لا يرتقى إلّا على ثقة ... من القواعد والدنيا بتأسيس