وعاثت بنو العباس في الدين عيثة ... تحكّم فيه ظالم وظنين
وسمّوا رشيدا ليس فيهم لرشده ... وها ذاك مأمون وذاك أمين
فما قبلت بالرشد منهم رعاية ... ولا لوليّ بالأمانة دين
رشيدهم غاو وطفلاه بعده ... لهذا رزايا دون ذاك مجون «١»
ألا أيها القبر الغريب محلّه ... بطوس عليك السّاريات هتون
شككت فما أدري أمسقى بشربة ... فأبكيك أم ريب الردى فيهون؟
وأيهما ما قلت إن قلت شربة ... وإن قلت موت إنه لقمين
أيا عجبا منهم يسمّونك الرضا ... ويلقاك منهم كلحة وغضون
أتعجب للأجلاف أن يتخيفوا ... معالم دين الله وهو مبين
لقد سبقت فيهم بفضلك آية ... لديّ ولكن ما هناك يقين
هذا آخر خبر عليّ بن موسى الرضا «٢» .
أخبرنا أبو الفرج قال: حدثنا الحسن بن علي الخفاف، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال:
دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه فبكى وقال: أعزز عليّ يا أخي بأن أعيش ليومك، وقد كان في بقائك أمل، وأغلظ عليّ من ذلك وأشد أن الناس يقولون: إني سقيتك سما، وأنا إلى الله من ذلك بريء.
فقال له الرضا: صدقت يا أمير المؤمنين، أنت والله بريء.
ثم خرج المأمون من عنده، ومات الرضا، فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره وأمر أن يحفر إلى جانب أبيه، ثم أقبل علينا فقال: حدثني صاحب هذا النعش أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء وسمك، احفروا، فحفروا فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء وظهر فيه سمك، ثم غاض الماء، فدفن فيه الرضا عليه السلام.