إليه متمهلا ونازله، وكمن لنا كمناء في عدة مواضع، فلما التقينا قاتلنا ساعة ثم انهزم متطاردا لنا فاتبعه أصحابنا، فلما تفرقنا في طلبه خرجت الكمناء على أصحابنا من كل وجه فانهزمنا، وأفلت محمد بن القاسم وصار إلى نسا «١» مستترا، وثبتنا في النواحي ندعو إليه.
وقال أبو الأزهر في خبره: حدثني علي بن محمد الأزدي، قال: حدثني إبراهيم بن غسان بن الفرج العودي، صاحب عبد الله بن طاهر، قال:
دعاني الأمير عبد الله بن طاهر يوما فدخلت عليه فوجدته قاعدا وإلى جانبه كرسي عليه كتاب مختوم غير معنون، ويده في لحيته يخللها، وكان ذلك من فعله دليلا على غضبه، فتعوذت بالله من شره، ودنوت إليه فقال لي: يا إبراهيم، احذر أن تخالف أمري فتسلطني على نفسك فلا أبقي لك باقية.
قلت: أعوذ بالله أن أحتاج في طاعتك إلى هذا الوعيد، وأن أتعرض لسخطك.
قال: قد جرّدت لك ألف فارس من نخبة عسكري، وأمرت أن يحمل معك مائة ألف درهم تصرفها فيما تحتاج إلى صرفها فيه من أمورك، فاضرب الساعة بالطبل والبوق فإنهم يتبعونك، فاخرج واركض، وخذ من خاص خيلي ثلاثة أفراس تجنب معك تنتقل عليها، وخذ بين يديك دليلا قد رسمته لصحبتك، فادفع إليه من المال ألف درهم، واحمله على فرس من الثلاثة فليركض بين يديك، فإذا صرت على فرسخ واحد من نسا، فافضض الكتاب واقرأه، واعمل بما فيه، ولا تغادر منه حرفا، ولا تخالف مما رسمته شيئا، واعلم أن لي عينا في جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك، فاحذر ثم احذر، ثم احذر وأنت أعلم.
قال إبراهيم بن غسان: فخرجت وضربت بالطبل، ووافاني الفرسان جميعا بشادياج وهو موضع قصور آل طاهر، وعبد الله يشرف من شرف علينا، فعبأت أصحابي ودفعت فرسي أركضه، ويتبعوني نسير خببا حينا وتقريبا حينا حتى صرنا في اليوم الثالث إلى نسا، على فرسخ منها ففضضت الكتاب فقرأته فإذا فيه: