فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له: إن الرجل سائر إليك، فابدأ أنت بالمسير حتى تقاتله في أرضه وبلاده وعمله، فأما أن تقدر أنه يتناولك فلا والله حتى يرى يوما أعظم من يوم صفين، فقال: أفعل، ثم قعد عن مشورتي وتناسى قولي «١» .
قال: وكتب معاوية إلى الحسن بن علي.
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإن الله عزّ وجلّ يفعل في عباده ما يشاء، لا معقّب لحكمه وهو سريع الحساب «٢» فاحذر أن تكون منيّتك على يد رعاع من الناس، وايئس من أن تجد فينا غميزة «٣» ، وإن أنت أعرضت عمّا أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت، وأجزت لك ما شرطت، وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وإن أحد أسدى إليك أمانة ... فأوف بها تدعى إذا متّ وافيا
ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى ... ولا تجفه إن كان في المال فانيا
ثم الخلافة لك من بعدي، فأنت أولى الناس بها، والسلام.
فأجابه الحسن بن علي:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، وصل إليّ كتابك تذكر فيه ما ذكرت، فتركت جوابك خشية البغي عليك، وبالله أعوذ من ذلك، فاتبع الحق تعلم أني من أهله، وعليّ إثم أن أقول فأكذب، والسلام «٤» .