فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه، ثم كتب إلى عماله على النواحي نسخة واحدة:
بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ومن قبله من المسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم وقتلة خليفتكم، إن الله بلطفه وحسن صنعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده. فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم، فاقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم وجهدكم وحسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الأمل، وأهلك الله أهل البغي والعدوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته «١» .
قال: فاجتمعت العساكر إلى معاوية بن أبي سفيان، وسار قاصدا إلى العراق وبلغ الحسن خبر مسيره، وأنه بلغ [جسر] منبج، فتحرّك لذلك، وبعث حجر بن عديّ يأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير، ونادى المنادي:
الصلاة جامعة، فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون، فقال الحسن: إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني، وجاء سعيد بن قيس الهمداني، فقال: اخرج، فخرج الحسن- عليه السلام- فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد، فإن الله كتب الجهاد على خلقه، وسمّاه كرها «٢» .
ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين واصبروا إن الله مع الصابرين «٣» ، فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبون، إلّا بالصبر على ما تكرهون، إنه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه، فتحرك لذلك، فأخرجوا- رحمكم الله- إلى معسكركم بالنخيلة [حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا] .