للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثبت في السنة فعله في وقت دون وقت، فالسنة فيه عدم الالتزام والمداومة، على ما تقدم تقريره في فصل التفاضل بين الأعمال باعتبار المداومة (١) والله تعالى أعلم.

رابعاً- أن لا يورث ذلك العملُ العاملَ مللاً واستثقالاً للعبادة، وعلى هذا دل قول النبي (فو الله لا يمل الله حتى تملوا) (٢)

والملل هو استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته (٣). ومعناه في حق الله: منع ثواب من مل العمل، وقطع أجره. (٤)

قال ابن رجب: «سمى هذا المعنى من الله مللاً وسآمة، مقابلة للعبد على ملله وسآمته، كما قال الله: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم﴾. (٥) فسمى إهمالهم وتركهم نسياناً، مقابلة لنسيانهم له. هذا أظهر ما قيل في هذا». (٦)

والمقصود هو المنع من كل عمل يفضي بالعبد إلى السأم من العبادة واستثقالها، وإنما كُرِه ذلك، لما يترتب عليه من محاذير شرعية.

قال الشاطبي: «الدخول في عمل على نية الالتزام له، إن كان في المعتاد بحيث إذا داوم عليه أورثه مللاً، ينبغي أن يعتقد أن هذا الالتزام مكروه ابتداءً، إذ هو مؤدٍ إلى أمور جميعها نهي عنها» (٧) ثم ذكر.

١ - أن الله ورسوله أهدى في هذا الدين التسهيل والتيسير وهذا الالتزام يشبه من لم يقبل هديته، وهذا غير لائق بالمملوك مع سيده فكيف به مع ربه.


(١) انظر ص: ١١١.
(٢) تقدم تخريجه ص: ١١٦.
(٣) انظر فتح الباري لابن حجر ١/ ١٠٢.
(٤) انظر النهاية لابن الأثير ٤/ ٣٦٠، والمفهم لأبي العباس القرطبي ٢/ ٤١٤، وفتح الباري لابن رجب ١/ ١٦٦.
(٥) سورة التوبة (٦٧).
(٦) فتح الباري ١/ ١٦٦.
(٧) الاعتصام ١/ ٣٠١.

<<  <   >  >>