للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - خوف التقصير، أو العجز عن القيام بما هو أولى، وآكد في الشرع.

٣ - خوف كراهية النفس لذلك العمل المُلْتَزَم، لأنه قد فرض من جنس ما يشق الدوام عليه، بحيث لا يقرب من وقت العمل إلا والنفس تشمئز منه، وتَودُّ لو لم تعمل وإلى هذا المعنى يشير حديث عائشة عن النبي أنه قال: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا لأنفسكم عبادة الله .. ». (١)

٤ - خوف الانقطاع عن العمل؛ لأن بغض العمل وكراهيته مظنة الانقطاع وهو مكروه لمن ألزم نفسه لأجل نقض العهد، وعليه دل قوله تعالى ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾. (٢)

٥ - الخوف من الدخول في الغلو في الدين، فإن الغلو هو المبالغة في الأمر، ومجاوزة الحد فيه إلى حيز الإسراف. (٣)

فبهذه الضوابط الشرعية يمكن تحديد مفهوم الاقتصاد في العمل من عدمه. فمتى ما تحققت هذه الضوابط في العمل، فهو من الأعمال الميسرة المقتصدة ومتى ما تخلفت أو بعضها، خرج عن مسلك الاقتصاد والرفق، إلى مسلك التكلف والتعنت.

وإذا ثبت فضل الاقتصاد في العمل، وتأصيله في باب التعبد والسير إلى الله تعالى، بما تقدم ذكره من الأدلة وأقوال أهل العلم في تقريره، فقد ينقدح في بعض الأذهان مظنة التعارض بين هذا الأصل، وبين ما جاء في بعض النصوص من ترتب الثواب على قدر المشقة، كقول النبي لعائشة ، لما استأذنته في أن تعتمر من مكة، فأذن لها أن تهل بعمرة من التنعيم وقال لها: «ولكنها على قدر نفقتك أو


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ٣/ ٢٨ وإسناده ضعيف، وله شاهد من حديث أنس أخرجه أحمد في المسند ٣/ ١٩٩ قال محققه «حسن بشواهده» وليس فيه «ولا تبغضوا لأنفسكم عبادة الله».
(٢) سورة الحديد (٢٧).
(٣) انظر الاعتصام للشاطبي ١/ ٣٠١ - ٣٠٤.

<<  <   >  >>