للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقية مباني الإسلام ومنها الحج، ويكون المراد بالجهاد التطوع وهو أشبه بقواعد الشريعة.

الثالث: أن ذلك عندما كان الحج تطوعا؛ فإن الصحيح أن فرضه تأخر إلى عام الوفود. (١)

الرابع: قد يقال: دل حديث أبي هريرة على أن جنس الجهاد أشرف من جنس الحج؛ فإن عرض للحج وصف يمتاز به على الجهاد وهو كونه فرض عين كان ذلك الحج المخصوص أفضل من الجهاد، وإلا فالجهاد أفضل منه.

وأما تقديم الذكر في النصوص على سائر الأعمال فقال في توجيهه: إن المراد بذلك الذكر الكثير المستدام في أغلب الأوقات، وليس الذكر مما يقطع من الأعمال، فمن عمل عملا صالحا، وكان أكثر ذكرا فيه من غيره، فهو أفضل من عمل مثل ذلك العمل من غير أن يذكر الله فيه.

فتكون النصوص محمولة على من أدى الفرائض مع ذكر الله فهو أفضل ممن أداها بغير ذكر. (٢)

ثم خلص من هذا التحقيق إلى أن قال: «فتبين بهذا التقرير أن الأحاديث كلها دالة على أن أفضل الأعمال: الشهادتان مع توابعهما: وهي بقية مباني الإسلام، أو الصلاة مع توابعها أيضا من فرائض الأعيان التي هي من حقوق الله ﷿، ثم يلي ذلك في الفضل حقوق العباد التي هي فروض الأعيان كبر الوالدين، ثم بعد ذلك [أعمال] (٣) التطوع المقربة إلى الله، وأفضلها الجهاد». (٤)


(١) عام الوفود هو عام تسعة من الهجرة. وسمي بذلك لقدوم وفود العرب على النبي معلنين دخولهم في الإسلام. انظر البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ٢٣٢).
(٢) انظر فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢١١٢١٩).
(٣) ليست في المصدر والسياق يقتضيها، فلعلها سقطت والله أعلم.
(٤) فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢١٧).

<<  <   >  >>