للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اجتهد العلماء المحققون ، في جمع شتات هذا الباب وتقريب أبعاده، بذكر بعض القواعد العامة في الموازنة بين أسباب التفاضل بين الأعمال، استنبطوها من النصوص الشرعية.

وسأذكر هنا جملة منها، لتكون عونا للناظر في هذا الباب بعد عون الله وتوفيقه. فمن هذه القواعد:

القاعدة الأولى: تقديم الواجبات على النوافل.

وذلك لأن تأدية الواجبات أفضل عند الله وأحبّ إليه من تأدية النوافل على ما تقدم تقريره في الفصل الثاني من هذا الكتاب (١) فينبغي مراعاة هذا الأصل عند الترجيح بين الأعمال الفاضلة، فإذا ما حصل التزاحم بين عملين فاضلين، قدم ما كان تفضيله راجعا إلى الوجوب، على ما كان تفضيله راجعا إلى سبب آخر من الأسباب المتقدمة في تفاضل الأعمال.

يقول الشيخ السعدي في (القواعد والأصول الجامعة): «القاعدة الثالثة والثلاثون: إذا تزاحمت المصالح قدم الأعلى منها، فيقدم الواجب على المستحب، والراجح من الأمرين على المرجوح .. ». (٢)

فإذا تعارض لدى العامل واجب عيني في حقِّه كطاعة والدٍ، أو ولي أمر، أو القيام على حقوق الزوجة والأولاد الواجبة، أو قيام الزوجة بحقوق زوجها، إذا تعارضت هذه الواجبات مع أعمال أخرى مستحبة في حق هذا العامل، فإن هذه الأعمال المستحبة لا تقدم على الحقوق الواجبة ولو كانت المستحبة هي أفضل باعتبار جنسها، أو تعديها للخلق، أو مصاحبتها لزمان، أو مكان فاضلين، إلى


(١) انظر ص: ٣٩ وما بعدها.
(٢) ص: ٦٦.

<<  <   >  >>