للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير ذلك من أسباب التفضيل الأخرى.

وكذا ما قيل في المفاضلة بين الواجبات والنوافل، يقال في المفاضلة بين الواجبات نفسها؛ فإنها تتفاوت في قوّة الوجوب كما تقدم تقرير ذلك (١) فيقدم الأوجب فالأوجب عند التزاحم.

ومن الأمثلة لتوظيف أهل العلم هذا الأصل في الترجيح بين الأعمال:

جواب شيخ الإسلام ابن تيمية لمن سأله: طلب القرآن أو العلم أفضل؟ فقال:

«أما العلم الذي يجب على الإنسان عيناً، كعلم ما أمر الله به، وما نهى الله عنه، فهو مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن؛ فإن طلب العلم الأول واجب، وطلب الثاني مستحب، والواجب مقدم على المستحب». (٢)

ويقول الشيخ السعدي: «وكذلك يجب تقديم من تجب نفقته على من تستحب، وعلى الصدقة المستحبة، ويجب تقديم من تجب طاعته على من تستحب، وأمثلة تقديم الواجب على المستحب كثيرة جدا، ومن أمثلة تقديم أعلى الواجبين طاعة المرأة لزوجها، مقدمة على طاعة الأبوين». (٣)

القاعدة الثانية: تقديم السنن الراتبة على السنن المطلقة.

وذلك لمكانة السنن الرواتب من الدين، وتأكيد الأئمة على أهمية التزامها، بل وذمهم من داوم على تركها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب من سأله عن حكم من لا يواظب على السنن الرواتب: «من أصرّ على تركها، دلّ ذلك على قلّة دينه، وردتّ شهادته، في مذهب أحمد والشافعي وغيرهما». (٤)

وقد نص بعض أهل العلم على تقديمها على السنن المطلقة، وعلى فضلها


(١) انظر ص: ٤٩ - ٥٣.
(٢) الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٣٤)، ومجموع الفتاوى (٢٣/ ٥٤).
(٣) القواعد والأصول الجامعة ص: ٦٧.
(٤) الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>