للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطواف أو القرب من الكعبة عند عدم التمكن من الجمع بينهما فقال: «فإن قال قائل إذا دار الأمر بين أن أرمل مع البعد عن الكعبة، وبين أن أمشي مع القرب فأيهما أقدم؟ الجواب قَدِّم الأول، فارمل ولو بعدت عن الكعبة؛ لأن مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى، من المراعاة المتعلقة بزمانها أو مكانها، وهذه القاعدة لها أمثلة:

مثال ذلك لو أن رجلا حين دخل عليه وقت الصلاة وهو حاقن، أو بحضرة طعام، فهل الأولى أن يقضي حاجته، ويأكل طعامه، ولو أدى ذلك إلى تأخير الصلاة عن أول وقتها، أو العكس؟

الجواب: الأول. فهنا راعينا نفس العبادة دون أول الوقت؛ لأنه إذا صلى فارغ القلب، مقبلا على صلاته كانت صلاته أكمل.

مثال آخر: لو أن شخصا أراد أن يصلي في الصف الأول وحوله ضوضاء وتشويش، أو حوله رجل له رائحة كريهة، فهل الأولى أن يتجنب الضوضاء والرائحة الكريهة، ولو أدى ذلك إلى ترك الصف الأول. أو أن يصف في الصف الأول مع وجود التشويش؟ لا شك أن الأولى تجنب التشويش، وترك الصف الأول؛ لأن هذا يتعلق بذات العبادة». (١)

وهذا مما يدل على ترجيح أسباب التفاضل المتعلقة بالإخلاص أوالمتابعة أوغيرهما من الأسباب المتعلقة بأصل العبادة، على الأسباب الخارجة عنها كالأسباب المتعلقة بالزمان أو المكان.

مثل أن يتزاحم عند العامل تأدية الصلاة من أولها في مسجد قريب مفضول،


(١) الشرح الممتع شرح زاد المستنقع (٧/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>