للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامس: أن في ذلك وضعاً لكثير من الآصار والأغلال التي وضعها الشيطان على الأمة بلا كتاب من الله.

السادس: أن في المداومة على نوع دون غيره هجران لبعض المشروع ونسيانه والإعراض عنه.

السابع: أن الشارع إذا كان قد سوّى بين عملين كان تفضيل أحدهما من الظلم العظيم، وإذا فضل بينهما كانت التسوية كذلك (١).

والمقصود هنا بيان أن تنويع العبادة والتقرب إلى الله بكل الأنواع المشروعة، أفضل من الاقتصار على بعضها وترك غيرها.

وهذا هو حقيقة العبودية الكاملة، وذلك أن الإيمان شعب كما دلت على ذلك النصوص ولا يتحقق الكمال في الإيمان إلا باستكمال شعبه كلها، كما قال عمر بن عبد العزيز: «إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان». (٢)

ومع هذا فلا ينبغي أن يفهم من هذا التقعيد هنا، التهوين من شأن المداومة على بعض أعمال البر، التي جاءت السنة بالمداومة عليها، فقد تقدم في ما مضى من البحث أن المداومة على العمل من أعظم أسباب التفاضل بين الأعمال، كما دلت على ذلك النصوص وأقوال أهل العلم. (٣)

وإنما التحذير هنا هو من الانقطاع إلى عمل واحد، أو أكثر والمداومة عليها، مع ترك غيرها من أعمال البر، لا المداومة المشروعة على بعض الأعمال التي كان النبي يداوم عليها؛ فإن هذه المداومة لا تتنافى مع التقرب إلى الله بغيرها من


(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٤٨٢٥١).
(٢) ذكره البخاري معلقا. صحيح البخاري مع الفتح (١/ ٤٥).
(٣) انظر ص: ١٠١ وما بعدها.

<<  <   >  >>