للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالثة: رجل قرأ بتدبر وتفكر سورة، وآخر قرأ في تلك المدة سوراً عديدة.

قال أحمد في رواية جعفر بن أحمد بن أبي قيماز، وقد سئل أيما أحب إليك: الترسل أو الإسراع؟ قال: أليس قد جاء بكل حرف كذا وكذا حسنة؟ قالوا له: في السرعة؟ قال: إذا صور الحرف بلسانه ولم يسقط من الهجاء.

وهذا ظاهر في ترجيح الكثرة على التدبر.

ونقل عنه حرب: أنه كره السرعة، إلا أن يكون لسانه كذلك لا يقدر أن يترسل.

وحمل القاضي الكراهة على إذا لم يبين الحروف .. » (١) إلى آخر ما ذكر من الأوجه.

والحاصل أنه يتنازع المسألة هنا سببان من أسباب التفضيل، أحدهما: يرجع إلى تحسين العمل وإتقانه، وآخر يرجع إلى كثرته وتعدده.

والعلماء في المفاضلة بين النوعين على مذاهب:

فمنهم من مال إلى التوقف في أصل المفاضلة بين النوعين، ذاهبا إلى أنه: كما أن التفاضل غير ممتنع، فكذلك التساوي في الفضل وارد، باعتبار أن لكل عمل جهة فضل يختص بها، وهذا ظاهر كلام ابن حجر في المفاضلة بين الإسراع والترتيل في القراءة.

قال : «والتحقيق أن لكل من الإسراع والترتيل جهة فضل، بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف، والحركات، والسكون الواجبات، فلا يمتنع أن يفضل أحدهما الآخر، وأن يستويا؛ فإن من رتل وتأمل كمن تصدق


(١) تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب (١/ ١٣٠١٣٤).

<<  <   >  >>