للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجوهرة واحدة مثمنة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة، وقد تكون الواحدة أكثر من قيمة الأخريات وقد تكون بالعكس». (١)

وحقيقة هذا القول: التوقف في المفاضلة بين النوعين وعدم الترجيح، بل التوقف في ثبوت التفاضل بينهما من أصله.

وما ذهب إليه ابن حجر من احتمال التساوي في الفضل: وجهه أنّ كل عمل يختص بخصيصة ليست موجودة في الآخر، فاحتمال مقاومة كل واحدة من الخصيصتين للأخرى في الفضل متصور، وبالتالي يتساوى العملان.

وإلى هذا أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في سياق حديثه عن أسباب التفاضل بين الأعمال من حيث العموم فقال: «وكثير ممّا تتنازع الطوائف من الأمة في تفاضل أنواعه لايكون بينها تفاضل، بل هي متساوية، وقد يكون مايختص به أحدهما مقاوما لما يختص به الآخر … » (٢).

ومن العلماء من رجّح كل واحد من النوعين باعتبار فقال: «إن ثواب قراءة الترتيل أجل قدرا، وثواب الكثرة أكثر عدداً؛ لأن بكل حرف عشر حسنات» نقله ابن الجزري عن بعض الأئمة مستحسناً له. (٣)

ومحصل هذا القول هو الرجوع إلى أصل المسألة، وهو أن كل واحد من النوعين يفضل باعتبار، ولا يزال التساؤل واردا على أصحاب هذا القول في أي العملين أرجح؟ وما الذي يقدم منهما عند العمل؟.

ومن أهل العلم من سلك مسلك الترجيح والمفاضلة بين النوعين، ثم اختلفوا في الراجح:


(١) فتح الباري (٩/ ٨٩).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٢٥٢).
(٣) انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري (١/ ١٦٦).

<<  <   >  >>