للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. قال النبي : «صدق سلمان». (١) فقدم حق الله على حق النفس، وحق الأهل، مما يدل على تفضيل حق الله على سائر حقوق المخلوقين.

قال الإمام ابن رجب في سياق دراسته للأحاديث في تفاضل الأعمال: «فتبين بهذا التقرير أن الأحاديث كلها دالة على أن أفضل الأعمال: الشهادتان مع توابعهما وهي بقية مباني الإسلام، أو الصلاة مع توابعهما أيضا من فرائض الأعيان التي هي من حقوق الله ﷿ ثم يلي ذلك في الفضل حقوق العباد التي هي من فروض الأعيان كبر الوالدين». (٢)

ودل على تفاضل حقوق الله فيما بينها نصوص كثيرة منها حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: «الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان». (٣)

فأخبر النبي أن أفضل شعب الإيمان لا إله إلا الله، وقدمها على غيرها من الشعب المتعلقة بحقوق الخالق كالصلاة، والصيام، والحج.

كما دل على هذه المسألة أيضا قول النبي لما بعث معاذا إلى اليمن: «إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس». (٤)


(١) أخرجه البخاري. الصحيح مع الفتح (١٠/ ٥٣٤) ح: (٦١٣٩).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢١٧).
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٦٣) ح: (٣٥)، وأخرجه البخاري بلفظ: «الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان». صحيح البخاري مع الفتح (١/ ٥١) ح: (٩).
(٤) أخرجه البخاري. صحيح البخاري مع الفتح (١٣/ ٣٤٧) ح: (٧٣٧٢)، (٣/ ٢٦١) ح: (١٣٩٥)، و (ص: ٣٢٢) ح: (١٤٥٨)، ومسلم (١/ ٥٠) ح: (١٩).

<<  <   >  >>