للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل الحديث على تفضيل التوحيد على سائر أعمال البر المتعلقة بحقوق الله، وحقوق المخلوقين، وأنه أول ما يُبدأ به في الدعوة لفضله وشرفه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية مقررا هذا الأصل: «وكذلك ليس الأمر بالتوحيد، والإيمان بالله ورسوله، وغير ذلك من أصول الدين الذي أمرت به الشرائع كلها، وغير ذلك مما يتضمن الأمر بالمأمورات العظيمة، والنهي عن الشرك، وقتل النفس، والزنا، ونحو ذلك مما حرمته الشرائع كلها، وما يحصل معه فساد عظيم، كالأمر بلعق الأصابع، وإماطة الأذى، عن اللقمة الساقطة، والنهي عن القران في التمر، ولو كان الأمران واجبين». (١)

كما دلت النصوص أيضا على التفاضل بين حقوق المخلوقين فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك». (٢)

فقدم النبي النفقة على الأهل على غيرها من النفقات لتأكد حقهم على حقوق غيرهم من الناس.

قال أبو العباس القرطبي: «هذا محمول على ما إذا استوت الحالة في الأهل والأجنبي، فلو كان أحدهما أحوج أو أوكد، لكان المنفق في الأوكد أعظم أجرا، فإذا استوت المراتب فترتيب الأعظم كما وقع في الحديث». (٣)

كما دل أيضا على التفاضل في حقوق الخلق حديث جابر بن عبد الله أن النبي قال لرجل من بني عذرة: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء


(١) مجموع الفتاوى (١٧/ ٥٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٦٩٢) ح: (٩٩٥).
(٣) المفهم (٣/ ٤٠).

<<  <   >  >>