للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل هذا الحديث على حصول هذا الثواب العظيم، لمن توضأ نحو وضوء رسول الله المذكور، وصلى الصلاة الموصوفة في الحديث، ومعلوم أن الوضوء المذكور متضمن لبعض السنن التي ليست من فروض الوضوء، كالغسلتين الثانية، والثالثة، والإسباغ في الوضوء، وكذلك الصلاة المذكورة، وهي التي لا يحدث المصلى فيها نفسه، فهي درجة عالية من الخشوع، وحضور القلب، وتصح الصلاة الواجبة بدون هذا، ومع وجود حديث النفس، وإن كان ينقص ذلك من ثوابها. نقل ابن بطال عن بعض أهل العلم: «وأما من وسوس له الشيطان، وحدث نفسه في صلاته بأشياء دون قصد منه لذلك، فإنه يرجى أن تقبل صلاته ولا تبطل، وتكون دون صلاة الذي لم يحدث نفسه». (١)

والمقصود هنا أن ذلك الثواب العظيم، لمن توضأ نحو الوضوء المذكور، وصلى الصلاة الموصوفة، حصل بسبب ما تحقق في هذين العملين من السنن الزائدة على الفرض ولهذا تميز الثواب بتميز العمل قال الإمام الطحاوي : «في هذه الأحاديث دليل أن المفترض من الوضوء هو مرة مرة، وما زاد على ذلك فهو لإصابة الفضل لا الفرض». (٢)

وقال ابن دقيق العيد : «والحديث إنما يقتضي ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص، فمن حصل له ذلك العمل حصل له ذلك الثواب، ومن لا فلا، وليس ذلك من باب التكاليف حتى يلزم رفع العسر عنه». (٣)

ومما يدل أيضا على فضل الأعمال باعتبار ما يصحبها من السنن ما أخرجه البخاري من حديث سلمان الفارسي قال: قال النبي «لا يغتسل رجل


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال ١/ ٢٥٠، وانظر إحكام الأحكام لابن دقيق ١/ ٨٦.
(٢) نقله عنه ابن بطال في شرح صحيح البخاري ١/ ٢٤٩.
(٣) إحكام الأحكام ١/ ٨٦.

<<  <   >  >>