للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». (١)

فرتب الأجر، وهو مغفرة الذنوب إلى الجمعة الأخرى، على مجموع ما ذُكِر، قال ابن حجر في شرح الحديث: «وتبين بمجموع ما ذكرنا أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة، مشروط بوجود جميع ما تقدم، من غسل وتنظيف، وتطيب، أو دهن، ولبس أحسن الثياب، والمشي بالسكينة، وترك التخطي، والتفرقة بين الاثنين، وترك الأذى، والتنفل والإنصات وترك اللغو». (٢)

ومعلوم أن بعض ما ذكر هي من السنن لا الواجبات قطعاً، كالدهن والطيب، فإن العلماء مجمعون على أنهما غير واجبين، كما نقل الإجماع على ذلك ابن بطال نقلا عن الطبري والطحاوي. (٣) وكذلك التنفل قبل الصلاة ظاهر عدم وجوبه، وأما الغسل فاختلف أهل العلم في وجوبه من عدمه، والذي عليه جمهور أهل العلم، أنه مندوب وليس بواجب. (٤)

وعلى كل حال فالثواب في الحديث قد ترتب على فعل الواجب، مع بعض المستحبات، فدلّ ذلك على أن الأعمال الواجبة المفترضة تشرف بما يقارنها من السنن والمستحبات، على ما جاء مجرداً منها، والأدلة على هذه المسألة كثيرة في الشرع وإنما ذكرت هنا ما يستدل به، والله أعلم.

والجانب الثاني: تنزيه العمل من الذنوب والمعاصي.


(١) صحيح البخاري مع الفتح ٢/ ٣٧٠ ح ٨٨٣.
(٢) فتح الباري ٢/ ٣٧٢.
(٣) انظر شرح صحيح البخاري لابن بطال ٢/ ٤٧٨، ٤٨٣.
(٤) انظر المغني لابن قدامة ٣/ ٢٢٤ - ٢٢٧، وشرح صحيح البخاري لابن بطال ٢/ ٤٧٧، وفتح الباري لابن حجر ٢/ ٣٦١ - ٣٦٤.

<<  <   >  >>