للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأعمال الصالحة يعظم أجرها بتنزيهها من الذنوب التي تنقص من أجرها إذا ما خالطتها وقد دلت على ذلك الأدلة.

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ • قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ • يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾. (١)

فدلت هذه الآيات من سورة البقرة على تأثير الذنوب إذا صاحبت العمل في النقص من ثوابه، وأجره عند الله.

ففي الآية الأولى: أخبر أن الأجر عند الله يستحقه من خلت صدقته من المن والأذى، قال ابن جرير : «أوجب الأجر لمن كان غير مانٍّ، ولا مؤذٍ من أنفق عليه في سبيل الله» (٢) فدلت الآية على فضل الصدقة السالمة من المنّ والأذى على التي صاحباها، دلالة بينة ظاهرة حيث رتب الأجر والمثوبة على الصدقة الخالية من المن والأذى دون تلك.

وفي الآية الثانية: يخبر الله تعالى أن ﴿قول معروف﴾: من كلمة طيبة، ودعاء المسلم ﴿ومغفرة﴾: من عفو عن ظلم، خير من صدقة يتبعها أذى (٣)، فدلت الآية على أن العمل الصالح الخالي من الإثم وإن كان مفضولاً من حيث جنسه أفضلُ من العمل الصالح المصاحب للإثم وإن كان فاضلاً.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير الآية: «ذكر الله أربع مراتب


(١) سورة البقرة الآيات من ٢٦٢ - ٢٦٤.
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٦٣.
(٣) انظر تفسير ابن كثير ١/ ٦٩٣.

<<  <   >  >>