للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الدلالة من هذه الآية لموضوعنا: أنه إذا ثبت تأثير هذه المعصية المخصوصة في إبطال أجر هذه الطاعة هنا وهي الصدقة أرشد ذلك إلى تأثير جنس المعصية، في جنس الطاعة في النقص من أجرها من باب أولى.

فدلت كل واحدة من الآيات الثلاث، على أثر تنزه الأعمال الصالحة من الذنوب والخطايا، على كمال أجرها وثوابها عند الله.

ومما جاء في هذا المعنى من السنة حديث أبي هريرة الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن النبي أنه قال «من لم يدع قول الزور، والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (١)

فدل الحديث على انتقاص أجر الصوم بقول الزور والعمل به، بل ظاهر الحديث يدل على بطلانه به (٢).

قال المهلب: «فيه دليل أن حكم الصيام الإمساك عن الرفث وقول الزور، كما يمسك عن الطعام والشراب، وإن لم يمسك عن ذلك فقد تنقص صيامه، وتعرض لسخط ربه، وتَرْكِ قبوله منه». (٣)

وقال ابن حجر: «واستدل به على أن هذه الأفعال تنقص الصوم». (٤)

ونقل عن السبكي أن «مقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلامة عنها، فإذا لم يسلم عنها نقص». (٥)

وقال ابن رجب معللاً نقص الصيام بذلك «وسر هذا أن التقرب إلى الله تعالى


(١) صحيح البخاري مع الفتح ٤/ ١١٦ ح (١٩٠٣).
(٢) وبه قال بعض أهل العلم وذهبوا إلى أن الصيام يبطل بما ذكر في الحديث، كما نقل هذا ابن حجر في الفتح ٤/ ١١٧، عن ابن المنير وابن العربي رحمها الله.
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال ٤/ ٢٣.
(٤) فتح الباري ٤/ ١١٧.
(٥) المصدر نفسه ٤/ ١١٧.

<<  <   >  >>