للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بترك المباحات، لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات، ثم تقرب بترك المباحات، كان بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل، وإن كان صومه مجزئاً عند الجمهور بحيث لا يؤمر بإعادته». (١)

ومما ورد صريحاً في السنة في بيان تفاضل الأعمال الصالحة بسبب تنزهها من الذنوب، ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق (٢) رجع كيوم ولدته أمه». (٣)

فدل الحديث على فضل الحج الذي خلا من الرفث والفسوق على غيره، وأن هذا الثواب إنما استحقه من سلم حجه من ذلك.

قال ابن رجب : «مما يكمل به برّ الحج، اجتناب أفعال الإثم فيه من الرفث، والفسوق، والمعاصي». (٤)

فتقرر بهذا أثر تنزه الأعمال الصالحة، من مخالطة الذنوب والمعاصي في كمال أجرها، وزيادة فضلها عند الله، وانتقاص ذلك بوجودها، كما دلت على ذلك النصوص وتقريرات أهل العلم.

إذا ثبت هذا فهل تبطل المعاصي أجر العمل إذا خالطته، أم تنقص من ثوابه فقط.

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية اختلاف العلماء في ذلك على قولين: فمن قائل بالإبطال، ومن قائل بعدمه.


(١) لطائف المعارف ٢٩٢.
(٢) الرفث: هو الجماع في قول الجمهور وقيل: هو اسم للفحش من القول. والفسق: هو المعاصي والسيئات. انظر: فتح الباري لابن حجر ٣/ ٣٨٢.
(٣) صحيح البخاري مع الفتح ٣/ ٣٨٢ ح (١٥٢١) وصحيح مسلم ٢/ ٩٨٤ ح: (١٣٥٠).
(٤) لطائف المعارف ٤١٧.

<<  <   >  >>