للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم هاهنا مسألة متعلقة بهذا القسم، وهي: هل الأفضل في هذه الأوقات، الاشتغال بهذه الأعمال واستغراق الوقت فيها، وتقديمها على غيرها من الأعمال الأخرى التي قد تكون أفضل منها باعتبار الجنس؟ أما أن الأفضل هو الاشتغال بما هو أفضل منها باعتبار الجنس؟.

الذي يظهر أن الأعمال المذكورة وأوقاتها المرغب فيها ليست على باب واحد بل تتنزل على عدة صور:

الصورة الأولى: أن لا يتعارض العمل المرغب فيه، ولا يضيق وقته الفاضل عن عمل آخر:

مثل الصيام فإنه لا يتعارض مع عمل آخر من صلاة، وقراءة، وذكر، وغيرها من أعمال البر، ولا يضيق وقته وهو مدة النهار، عن الجمع بين تلك الأعمال. ومثل العمرة في رمضان، فإنه يمكن الجمع بين تأديتها وبين أعمال البر الأخرى من قراءة وذكر وأمر بمعروف ونهي عن منكر، كما أن وقتها الفاضل وهو طوال شهر رمضان لا يضيق عن التقرب إلى الله بغيرها من أعمال البر.

وفي مثل هذه الصورة لا شك أن الجمع بين هذه الأعمال أفضل من الاقتصار على العمل الفاضل في هذا الوقت، بل جاء الترغيب في ذلك من النبي :

ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة». (١)

وهذا في حق من استطاع الجمع بين هذه الأعمال، أما من عجز عن ذلك ولم


(١) صحيح مسلم ٤/ ١٨٥٧ ح (١٠٢٨).

<<  <   >  >>