للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يظهر أن الاشتغال بوظائف الأوقات مقدم على غيره، وإن كان الغير أفضل باعتبار الجنس.

الصورة الثالثة: أن يتعارض العمل المرغب فيه مع عمل آخر، ولا يضيق وقته الفاضل عن غيره، مثل الصلاة فإنها تتعارض مع غيرها من الأعمال، فلا يمكن الجمع بينها وبين عمل آخر في وقت واحد، وإن كان الوقت الفاضل لأدائها، وهو الليل لا يضيق عن غيرها، بل يبقى متسع من الوقت في التقرب إلى الله بغيرها من قراءة، وذكر، واستغفار، وتعلم، وتعليم، وقضاء حوائج المسلمين.

وهذه الصورة تأخذ حكم الصورة الأولى، في أن الأفضل هو الاشتغال بما أمكن من أعمال الطاعات مع تأدية العمل المفضل في هذا الوقت، ما دام الجمع ممكناً.

وهذا هو الموافق لهدي النبي إن شاء الله فقد كان يقوم من الليل ما شاء. ولربما عاد أهل البقيع، واستغفر لهم في بعض الليالي، كما في حديث عائشة وقصة خروجه من بيتها ليلاً، وفي رواية: أنه يفعل ذلك في كل ليلة يبيت عندها (١)، كما أنه كان أحياناً يسمر مع أبي بكر وعمر في بعض أمور المسلمين. (٢)

وبهذا العرض المفصل يظهر فضل إيقاع العبادات في أوقاتها الفاضلة، على ما تم أداؤه في غيرها من الأوقات الأخرى، وبمراعاة هذا الجانب مع الجانبين السابقين وهما: المحافظة على السنن والمستحبات المشروعة في العمل، وتنزيه العمل في العبادات من الذنوب والمعاصي تتحقق المتابعة في كمال العمل.

ومن خلال هذا كله تتبين حقيقة المتابعة الخاصة بدرجتيها:

- درجة المتابعة الواجبة المؤثر في قبول العمل.


(١) أخرجهما مسلم في صحيحه ٢/ ٦٦٩ - ٧٧١، ح (٩٧٤).
(٢) أخرج الحديث الترمذي من حديث عمر بن الخطاب ١/ ٣١٥، وقال: «حديث حسن».

<<  <   >  >>