للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرصه على أمته، أن يوجهها ويرشدها، إلَّا لمَا يعلم أنه خير لها وأزكى في عبادتها لربها، هذا مع امتثاله هذا الهدي في نفسه، وتشديده على المخالف فيه.

كما جاء في قصة الرهط، الذين أرادوا الانقطاع إلى العبادة، وترك بعض المباحات، فقال صلى على الله عليه وسلم: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». (١)

فأخبر أنه أخشى الأمة وأتقاها لله وهو مع هذا لا ينقطع للعبادة، بل يسلك مسلك الاقتصاد والتوسط، ويجمع بين العبادة، وإعطاء النفس حظها من المباحات، في غير إفراط ولا تفريط.

ومما جاء صريحاً من السنة، في تفضيل الأعمال المؤداة على وجه التيسير والرفق، على غيرها من الأعمال:

قوله «أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة». (٢)

قال ابن حجر في شرحه: «قوله أحب الدين: أي خصال الدين؛ لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحاً أي سهلاً فهو أحب إلى الله، ويدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح، من حديث أعرابي لم يسمه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه يقول: «خير دينكم أيسره (٣)». (٤)

كما جاءت بالحث على الاقتصاد في العمل، والإرشاد إلى مسلك الرفق في


(١) تقدم تخريجه ص: ٩٨.
(٢) أخرجه البخاري معلقاً في الصحيح. الصحيح مع الفتح ١/ ٩٣، وأخرجه موصولاً من حديث ابن عباس في الأدب المفرد، الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد ١/ ٣٨٥ ح (٢٨٧)، وأخرجه البغوي في شرح السنة ٢/ ٤٦٨ قال ابن حجر إسناده حسن: فتح الباري ١/ ٩٤.
(٣) هو في مسند أحمد من حديث مِحْجَن بن الأدْرَع ٣٣/ ٤٥٧، ٤٥٨ ح (٣٠٣٤٩) وقال محققوه: «حسن لغيره».
(٤) فتح الباري ١/ ٩٣، ٩٤.

<<  <   >  >>