للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذكر شيء من خبر ابن بسطام هَذَا، قال عليّ بن الفتح المطوّق فِي كتاب الوزراء لَهُ: اعتقل القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب أبا العباس أحمد بن محمد بن بسطام فِي داره أياماً، لأشياء كَانَتْ فِي نفسه عَلَيْهِ، وأراد أن يُوقع بِهِ. فلم يزل ابن بسطام يداريه ويتلطف بِهِ إِلَى أن أطلقه وقلده آمد وَمَا يتصل بِهَا من الأعمال، وأخرجه إليها وَفِي نفسه مَا فِيهَا. ثُمَّ ندم، فوجه إِلَيْهِ فِي آخر وزارته بعامل يقال لَهُ علي بن حسن، ووكله بِهِ. فكان يأمر وينهي فِي عمله، وهو موكل بداره. وخائف عَلَى نفسه، لما ظهر من إقدام القاسم عَلَى القتل.

قال ابن بسطام: فأخوف ما كنت عَلَى نفسي وحالي، وردَ عليَّ كتاب عنوانه لأبي العباس بن الحسن أن القاسم مات، فلم أملك نفسي فرحاً وسروراً بالسلامة، وإذا فِي الكتاب أني تقلدت الوزارة وأمرني بالخروج إِلَى مصر للإِشراف عَلَى الحسين بن أحمد المَاذَرَائي، فخرجت إِلَى مصر وَلَمْ أزل أتقلد الأمانة بِهَا، إِلَى أن تقلد عَلي بن محمد بن الفرات، فقلَّدني مصر وأعمالها. فلم يزل بِهَا إِلَى أن توفي. وسيأتي لَهُ ذكر فِي قصة منصور الفقيه من هَذِهِ الترجمة.

ويقال إن إسماعيل القاضي كَانَ فِي جنازة، فمرَّ عَلَى أبي عبيد وهو فِي دكان إسكاف وَفِي يده دفتر ينظر فِيهِ، فلم يقم القاضي فلاموه بعد ذَلِكَ، فاعتذر بأنه كَانَ شرط عَلَى الخفاف أن لا يخرز الخف إِلاَّ بليف حذراً أن يخرزه بشعر الخنزير. فما وثق بالخفاف حَتَّى جلس عنده، وأمر الخفاف فغسل يديه بحضرته.

قال ابن زولاق: وَكَانَ ابن الحداد يفعل ذَلِكَ.

قال: وقلت لَهُ لَما رأيت تقشفه وزهادته، لم دخلت فِي القضاء؟ فقال: تقربوا إِلي بإقامة الحق، ورأيت من لا يصلح يطلبه، فدخلت فِيهِ.

قال ابن زولاق: وسكن أبو عبيد أول مَا دخل مصر، دارَ إسماعيل بن إسحاق ترنجة عند مسجد ابن عمروس، ثُمَّ انتقل عنها إِلَى دار المدائني.

وكان إِذَا سمع الأَذَان، خرج إِلَى الصلاة، فربما وجد الإِمام صلى أَوْ سبقه بشيء من الصلاة، فكان يرسل إِلَيْهِ أن ينتظره. فلما تكرر ذَلِكَ قال لَهُ الإِمام:

<<  <   >  >>