للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

محمد بن بَدْر بن عبد الله بن عبد العزيز الكِنَانِيّ مولاهم المصري من المائة الرابعة كَانَ أبوه مولى يحيى بن حكيم الكناني وَكَانَ صيرفياً موسراً ومن أجله صنّف أبو عمر الكندي كتاب الموالي.

وولد لَهُ محمد سنة أربع وسنتين ومائتين، ومات بدر ولمحمد عشرون سنة، واشتغل محمد عَلَى أبي جعفر الطحاوي حنفياً، وسمع الحديث من علي بن عبد العزيز البغوي بمكة، ومن غيره بمصر.

قال ابن يونس فِي تاريخه: كَانَ أبوه رومياً صيرفياً، وتفقه هو عَلَى مذهب الكوفيين، وجالس الطحاوي، وحدث عن علي بن عبد العزيز وجماعة من المكيين والمصريين، وَكَانَ ثقة.

وقال أبو عمر: يقال إن بدراً خلف ألف دينار عيناً سوى الرباع وغيرها وَلَمْ يخلف وارثاً غيره. وكتب محمد بن بدر الحديث، وتعلم الفروسية وركوب الخيل، ولازمه جماعة من المصريين، وكان من بداية أمره لَهِجاً بحب القضاء حَتَّى بلغ من شغفه بِهِ أنه اجتمع عنده فِي بستان لَهُ بالجيزة جماعة فجلي مجلس القاضي وجلسوا حوله كالشهود يستعرضهم، فعدل جماعة وأوقف جماعة، فاتفق أنه ولي القضاء حقيقة فأجاز من كَانَ عدله وأوقف من كَانَ أوقفه، فَعُدَّ ذَلِكَ من عجيب الاتفاق.

ولازم محمد بن بدر القضاة يخدمهم ويتعاطى أمورهم ويتقرب إليهم، وجهد حَتَّى جلس مع أبي جعفر الطحاوي أيام محمد بن عَبْدَة يكتب فِي الحكم.

وَكَانَ يجالس وصِيفاً صاحب الشرطة ويراجعه فِي الأمور الشرعية، فأنشأه الطحاوي، فلما ولي أبو عثمان ابن حماد القضاء خطب محمد بن بدر القضاء من العراق، فبلغ ذَلِكَ أخاه هارون بن حمّاد فأمر أخاه أبا عثمان أن يسعى فِي إفساد حاله، فجمع وجوه الناس من الشهود والتجار وأخبرهم بأن محمد بن بدر يروم ولاية القضاء فتكلموا فِيهِ واستصغروه عن ذَلِكَ، فأمرهم أن يكتبوا فِيهِ محضراً، فكتبوا أنهم لا يعلمون أن أباه خرج من الرق، ونسبوا محمداً إِلَى كل قبيح فِي لسانه وملبسه حَتَّى سراويله. وشهد فِي المحضر جماعة، فكتب كل منهم مَا زعم أنه اطلع عليه.

<<  <   >  >>