مَن لم ينالُوا فِي الديار ولو ... نالوه لَمْ يصنعوا من ذَاكَ مَا صَنَعوا
لما رأيت حمول الحي باكرة ... يَحثها جذل بالبَيْن مُنْدَفع
ناديتُ ليلى ولا ليلى تودعني ... منها السلام فكاد القلب يَنْصَدع
يَا ليل أهلك أحموني زيارتكم ... والدار واحدة والشَّمل مُجتمعُ
فالآن مر عَلَى العيش بعدكم ... فلستُ بالعيش بعد اليوم أنتفع
هل الزمان الَّذِي قَدْ مرّ مُرْتجع ... أم هل يرد عَلَى ذي العلة الجزع
قالت سليمى عَلاَك الشيب من كبر ... والشيب أهون مَا لَمْ يأتك الصَّلَع
يَا سلم إني وإن شيب يفزعني ... رحب اليدين بما حملت مضطلع
ولن أرى بطراً يوماً لمفرحة ... وَلَمْ أرى لصروف الدهر أختشع
قَدْ جربتني صروف الدهر فاعترفت ... صلب القناة صَبوراً كيفما يقع
فرد الخلائق لا يقتادني طَمع ... إن اللئيم الَّذِي يقتاده الطمع
هَذَا وخائن قوم ظل يشتمني ... كالكلب ينبح حيناً ثُمَّ يَنْقَمع
تركته معرضاً لي واستهنتُ بِهِ ... إذ لَمْ يكن فِيهِ لي رِيّ ولا شبع
لا واضعاً غضبي فِي غير موضعه ... ولا انتصاري إِذَا مَا نالني الفزع
ولا ألين لقوم خاضعاً لهم ... ولا أكافئهم بالشر إن جمعوا
حلما بحلم وجهلا إن هم جهلوا ... إني كذلك مَا آتي وَمَا أَدَعُ
ومنها فِي الحكم:
أمسَى مَشيبك فِي المفَارق شائعاً ... ورددت من عهد الشباب وَدَائعا
وتركتَ وصل الغانيات وطالما ... غابتَ فيهن العواذل طائعا
ولقد لبست من الشباب غضارة ... ونضارة لو كَانَ ذَلِكَ راجعا
أزمان تصغي للصبا وحديثه ... سمعاً يميل إِلَى الغواية سامعا
فَدَع الغواية بالشباب وذكره ... كم موضع فِي الغي أصبح نازعا