والفَقْرُ خَير من غِنى يَا فتى ... يكون فِيهِ لَكَ إِذْلال
والمال للمُكثر شَين إِذَا ... لَمْ يَكُ منه فِيهِ إِفْضال
والحر حُر حَيْثُ أمسى ولا ... يمنعه من ذَاكَ إقلال
وأنشد لَهُ الزبير بن بكّار يتشوق إِلَى المدينة المنورة:
هل الشوق إِلاَّ أن يحن غريب ... وأن يستطيل العهد وهو قريبُ
أرى الشوق يدنيني إِلَى من أوده ... وللشوق داع مسمع ومجيب
سقى الله أكناف المدينة إنه ... يحل بِهَا شخص إليَّ حبيب
وإني وإن شَطت بي الدار عنهم ... إِلَيْهِم لمشتاق الفؤاد طروب
وقائلة مَا بال جسمك شاحباً ... وأهون ما بي أن يكون شحوب
فقلت لَهَا فِي الصدر مني حرارة ... تقطع أنفاسي لَهَا وتذوب
إِذَا مَا تذكرت الحجاز وأهله ... فللعين من فيض الدموع غروب
قال يونس بن عبد الأعلى: مَا ولينا قاضٍ مثل هارون بن عبد الله، مَا استفاد عندنا إِلاَّ داراً، فلما انصرف باعها وتحمل بثمنها. وَكَانَ هارون أديباً فذكر عَلْقَمة بن يحيى عن هارون، قال: أنشدت عبد الملك بن عبد العزيز الماجِشون:
ولما رأيتُ البَيْنَ منها فجاءةً ... وأهون للمكروه أن يتوقّعَا
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أن يُودِّع ظاعِنٌ ... مُقِيماً ويذرى عبرة إن تودَّعَا
نظرت إليها نظرة فرأيتها ... وَقَدْ أبرزت من جانب الخِدْر إِصْبَعا
قال: لمن هَذِهِ؟ قلت: قالها رجل من قريش. فقال: أحسن والله. فقلت لَهُ: أنا والله قُلتها فِي طريق سرتها إِلَيْكَ. قال: قد والله عرفت الضعف فِيهَا حين أنشدتها.
وقال القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي فِي فوائده: حدثنا أحمد بن عبد