بكر الصديق أبو بكر البكري المدني الأصل، من أهل الكوفة، وَكَانَ يذهب إِلَى قول أبي حنيفة من المائة الثانية.
قال أبو عُمر وَابن يونس: تولى من قبل الأمين محمد بن هارون الرشيد فِي جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين بعد صرف العمري.
قال الطحاوي عن يحيى بن عثمان: أن البكري كَانَ يقول: دخلتُ مصر وأنا مُقِلّ فزرعتُ زرعاً فَلحِقَته آفة فانكسر عليَّ خَراجه، فطولبت بذلك، وشدّد عليَّ فِيهِ، وَكَانَ كاتب الخراج يعرف بمقارّة، فقال لما عرفوه بيتي: يَا سبحان الله! ابن صاحب نبيكم والذي قام بعده يُطالَب بمثل هَذِهِ المطالبة، مَا كَانَ عَلَيْهِ فهو عليّ وهو لَهُ عليَّ فِي كل سنة. فكان البكري بعد ذَلِكَ لما ولي القضاء يقرب الكاتب المذكور ويقرب الكاتب المذكور ويقرب إدريس بن يحيى الخولاني لزهده.
وكان السبب فِي ولايته أن القاضي قبله وهو عبد الرحمن بن عبد الله العمري لما أثبت نَسب أهل الحرس وألحقهم بالعرب، وَفَّدَ أهل مصر - ومعهم أبو رَحْب العلاء بن عاصم الخولاني وهاشم بن حُدَيْج - وَفْداً إِلَى العراق بما فعل العمري بأهل الحرس وأنه ألحقهم بالعرب ونسَبَهم إِلَى حَوْتَكة بن أسلم بن الحاف بن قُضاعة. فكتب محمد الأمين إِلَى البكري بولاية القضاء؛ وأن يمنع مَن ينتمي إِلَى العرب وأن يرد أهل الحرس إِلَى مَا كانوا عَلَيْهِ من أنسابهم. فرجع البريد بذلك.
فدعا البَكريّ أهل الحرَس فطلب منهم قضِيَّة العمري فأحضروها لَهُ ظناً منهم بأنه يطلب منهم زيادة من الشهود. فلما مَلكها فِي يده أخرج مقْرَاضاً من تَحْتَ مُصلاّة فقطع القضيّة وقال لهم: العرب لا تحتاج إِلَى كتاب من قاضٍ، إن كنتم عَرَباً فليس ينازعكم أحد.