وقال يحيى بن بُكَير: أمر البَكريّ بإقامة البيِّنة عنده عَلَى بطلان دعوى أهل الحرس فحضر من أهل مصر عنده: ابن وَهب، وسعيد بن أبي مَرْيَم، وسعيد بن عُفَير، وناس كثير من أهل العدالة، فَشَهِدوا عنده أنّ أهل الحرَس من القِبْط، وأن العُمَريّ قضى لهم بالباطل: فأبطل قَضِيَّة العُمَريّ فيهم وأشهد عَلَى نفسه بردّهم إِلَى أصلهم من القبط فقال الشعراء فِي ذَلِكَ وتتبع البكري أصحاب العمري كلهم وسجنهم، وأشار عَلَيْهِ أبو رَحْب بمطالبة العمري وسجنه ففعل، وطالبه بما صار إِلَيْهِ من الأموال والأوقاف وغيرها، وأسقَط كل مَن شَهِد لأهل الحرس، ونادى بعضهم وشهّره بخيانته فِي ذَلِكَ منهم يحيى بن عبد الله بن بُكيْر. وقام عبد العزيز بن مُطرَف فِي نصر العمري وضمِن عنه مالاً كثيراً، ورفع أهل مصر للبكري أن العمري استفاد مائة ألف دينار من جهات عَدَّدُوها، فطالبه البَكريّ بِهَا وعرّفه وجوهها، ثُمَّ هرب العُمَريّ من السجن.
وكان قَدْ حول أمواله قبل ذَلِكَ إِلَى مَدْين، فتوجه إِلَى مَدْيَن فتحمل بما لَهُ وصَحِب خفيراً من البَوادِي فلما وصل إِلَى فَيْد خرج عَلَيْهِ قوم من أَسَد وطَيئ فأوقعوا بِهِ وأخذوا جميع مَا معه، ونَجا بحُشاشة نفسه.
وكان كاتب البكري: محمد بن عميرة النَّخَعِيّ، وأحمد الكوفي. وَكَانَ عمرو بن خالد الحراني يلزَمه وربما كتب لَهُ.
وروى أبو عُمر من طريق عَمْرو بن خالد قال: كَانَ البكري لا يجلس للقضاء حَتَّى يتغذَّى ويشرَب ثلاثة أقداح نبيذاً.