للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التمزق وهذا التفرق من أعظم أسباب ضعف المسلمين حتى تسلط عليهم الأعداء من التتار والمغول والصليبيين. ولا حول ولا قوة إلا الله.

أما مصر، البلد الذي ولد فيه المؤلف وعاش، فقد انتقلت إليه الخلافة العباسية بسبب مبايعة الظاهر بيبرس أحد حكام المماليك له، ولكن سلطة الخليفة كانت اسمية فقط؛ إذ أن المماليك نصبوا الخليفة لتقوية مركزهم وسلطتهم أمام العامة، أما السلطة الحقيقية فكانت بيد المماليك.

وقد وُلد المصنف في الثلث الأول من عمر دولة المماليك الجراكسة الذين حكموا مصر من عام (٧٨٤ - ٩٢٣ هـ) (١).

وقد يسمون المماليك البرجية نسبة إلى أبراج القلعة التي كانوا يسكنون بها تميزًا لهم عن المماليك البحرية الذين كانوا يقيمون في جزيرة الروضة (٢).

قال ابن العماد فيها - أي: في سنة ٧٨٤ هـ: (كان ابتداء دولة الجراكسة، فإنه خلع الصالح القلاووني وتسلط برقوق ولقب بالظاهر، وهو أول من تسلط من الجراكسة).

وقد أثنى عليه ابن العماد ووصفه بأنه أعظم ملوك الجراكسة بلا مدافعة، وقد حكم قرابة سبع عشرة سنة وتوفي عام ٨٠١ هـ (٣).

ثم تتابع المماليك بعده بالحكم وأكثر ما يكون استيلاؤهم على الحكم بخلع بعضهم بعضًا، وقد يصحب ذلك فتن وثورات داخلية واضطرابات، فتنتهك الحرمات، وتسلب الأموال، ويعتدى على الأعراض، وتداهم البيوت، إما من أجل التفتيش عن أسير هارب، وإما للإنتقام من الموالين للعهد السابق، فتحرق


(١) "شذرات الذهب": (٨/ ١٥).
(٢) "حسن المحاضرة": (٢/ ٢٤)، "صفحات من تاريخ مصر في عصر السيوطي": (ص ٢٣١).
(٣) "شذرات الذهب": (٦/ ٢٨٢)، (٧/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>