والحكم واجب ومندوب وما ... أبيح والمكروه مع ما حرما
مع الصحيح مطلقاً والفاسد ... من قاعدٍ هذان أو من عابد
ثم شرع -رحمه الله تعالى- في تعريف هذه الأحكام التي سردها، عرّفها بلوازمها على طريقة اللف والنشر المرتب، لو نظرنا في كلام المؤلف:
الواجب المندوب المباح المكروه المحظور الصحيح الفاسد، فالواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه الصحيح والباطل، على نفس ترتيب اللف، نشرها بعد أن لفها، واللف والنشر أسلوب عند أهل العلم، يذكرون الأقسام على سبيل الإجمال ثم يفصلونها، وهو موجود في نصوص الكتاب والسنة أيضاً.
اللف والنشر: تذكر الأمور إجمالاً ثم بعد ذلك تفصّل، فإن كان ترتيب التفصيل على نفس ترتيب الإجمال سمي اللف والنشر المرتب، وإن كان ترتيب التفصيل يختلف عن ترتيب الإجمال سمي اللف والنشر المشوش يعني غير المرتب، وكل من اللف والنشر المرتب والمشوش جاء في أفصح الكلام، جاء في أفصح الكلام، ففي مثل قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(١٠٦) سورة آل عمران]، {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(١٠٧) سورة آل عمران]، هذا لف ونشر، لكنه مشوش غير مرتب؛ لأنه بدأ باللفظ، بالذين ابيضت وجوههم، وثنى بالذين اسودت وجوههم، لكنه في النشر بدأ بالذين اسودت وجوههم، ثم ثنى بالذين ابيضت وجوههم.
والفائدة البلاغية اعتنى بها المفسرون في تقديم الذين اسودت وجوههم على الذين ابيضت وجوههم تراجع في مظانها.
وفي سورة هود:{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ} [(١٠٥ - ١٠٦) سورة هود]، {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} [(١٠٨) سورة هود]، لف ونشر مرتب.