والسنّة، وهي أنهم يقولون: إن إمامنا الذي قلدناه، واقتدينا به أعلم منك بكتاب الله، وسنّة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، نعم، هذه قيلت بالحرف، تقول للواحد منهم، من أهل الفضل والخير والعلم والعمل والصلاح، تقول له: الدليل في البخاري أو في مسلم، يقول: هل عندنا علم أكثر من علم الإمام أحمد بالسنة؟
ما عدل الإمام أحمد عن هذا الدليل إلا لأنه وجد ما يعارضه مما هو أقوى منه، ما احنا بأعلم من الإمام أحمد، وقل مثل هذا في مالك والشافعي وغيرهم، يعني هل مثل هذا الكلام يخفى على أحمد، هذا كلامهم، وهذه حجتهم، هذه عصاً أعطاهم إياها الشيطان، وهيأها لهم يتوكئون عليها في دفع النصوص، وهي حجة في ظاهرها، يعني لها حظ من النظر؛ أئمة كبار، الأئمة المقلدون كبار يحفظون مئات الألوف من السنن، فيأتي شخص حديث عهد بعلم ويرد على كبار الأئمة، لكن هذا الشخص الذي بيده الدليل الحق معه، حتى يوجد دليل يعارض هذا الدليل ويكون أقوى منه.
وقد وهب لهم الشيطان عصاً يتوكئون عليها عند أن يسمعوا من يدعوهم إلى الكتاب والسنّة، وهي أنهم يقولون: إن إمامنا الذي قلدناه واقتدينا به أعلم منكم بكتاب الله، وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لأن أذهانهم قد تصوّرت من يقتدون به تصوراً عظيماً بسبب تقدّم العصر وكثرة الأتباع؛ لأنه قد يقول قائل: كم أتباع أبي حنيفة منذ أن قام مذهبه إلى يومنا هذا؟ من يحصيهم والمشرق كله حنفية، وبقية الأقطار الإسلامية فيها أيضاً حنفية، خلال قرون وأئمة كبار فحول قلدوا هذا الإمام، يمكن أن يخفى عليهم مثل هذا الكلام؟
هذه من الحجج الذي يلبس بها المتعصبة حينما يدعون إلى الأخذ بالكتاب والسنة، وما علموا أن هذا منقوض عليهم، مدفوع به في وجوههم، فإنه لو قيل: إن التابعين، أو إن في التابعين من هو أعظم قدراً، وأقدم عصراً من صاحبكم، فإن كان لتقدم العصر وجلالة القدر مزية حتى توجب الاقتداء، فتعالوا حتى أريكم من هو أقدم عصراً، وأجلّ قدراً، يعني في الفقهاء السبعة -فقهاء المدينة السبعة من التابعين- من هو أهل لأن يقلد، فإذا كان القدم يؤهل للتقليد، ويبرر ويبرهن للتقليد، ففي من تقدم عصر الأئمة –أيضاً- من هو أهل للتقليد.