قلت: وربيعة بن أبي عبد الرحمن أبو عثمان المدني المعروف بربيعة الرأي، أحد الأئمة الثقات، وأحد الفقهاء روى له أصحاب الكتب الستة كلهم لم يتكلم فيه أحد من قبل اختلاطه غير ابن الصلاح وإنما تكلموا فيه لإفراطه في الرأي وإن كان كلامهم لم يخرجه عن حد التوثيق والاحتجاج به، وقد تعقب الحافظ العراقي كلام ابن الصلاح في نسبته إلى التغير والاختلاط فقال: " وما حكاه من تغير ربيعة في آخر عمره لم أره لغيره، وقد احتج به الشيخان ووثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي ويحيى بن سعيد والنسائي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم ولا أعلم أحداً تكلم فيه باختلاط ولا ضعف إلا النباتي، أورده في ذيل الكامل وقال: إن البستي ـ وهو ابن حبان ـ ذكره في الزيادات مقتصراً على قول ربيعة لابن شهاب: إن حالي ليست تشبه حالك أنا أقول برأي، من شاء أخذه، وذكر البخاري قول ربيعة هذا في التاريخ الكبير، وقال ابن سعد في الطبقات بعد توثيقه: كانوا يتقونه لموضع الرأي، ورووا في ذلك أخباراً قد ذكرتها في غير هذا الموضع، قال: وكان سفيان بن عيينة والشافعي وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه لأن كثيراً يوجد له بخلاف المسند الصحيح لأنه لم يتسع فيه". وروى ابن عبد البر في كتاب "جامع بيان العلم" بإسناده إلى مالك قال: قال لي ابن هرمز: لا تمسك على شيء مما سمعته مني من هذا الرأي، فإني افتجرته أنا وربيعة فلا تتمسك به، وذكر كلاماً آخر لابن عبد البر ثم قال: فهذا كما تراه إنما تكلم فيه من قبل الرأي لا من اختلاطه، فإني لم أر أحداً ذكره غير ابن الصلاح، على أن غير واحد قد برأوه من الرأي فروينا عن عبد العزيز بن أبي سلمة قال: يا أهل العراق تقولون: ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحداً أحفظ لسنة منه. أهـ.