لَا عَهْدَ لَهُمْ بِرُؤْيَتِهَا، وَرَجَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَتَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ جَانِبَهُ مِنْ ثَقِيفٍ فَسَأَلُوهُ: مَاذَا جِئْتُمْ بِهِ، وَمَا رَجَعْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: أَتَيْنَا رَجُلًا غَلِيظًا يَأْخُذُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، قَدْ ظَهَرَ بِالسَّيْفِ وَأَدَاخَ الْعَرَبَ، وَأَدَانَ لَهُ النَّاسَ، فَعَرَضَ عَلَيْنَا أُمُورًا شِدَادًا: هَدْمَ اللَّاتِ، وَتَرْكَ الْأَمْوَالِ فِي الرِّبَاتِ إِلَّا رُءُوسَ أَمْوَالِنَا، وَتَحْرِيمَ الْخَمْرِ. قَالَتْ ثَقِيفٌ: فَوَاللَّهِ لَا نَقْبَلُ هَذَا أَبَدًا فَقَالَ الْوَفْدُ: فَأَصْلِحُوا السِّلَاحَ، وَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ، وَرُمُّوا حِصْنَكُمْ. فَمَكَثَ بِذَلِكَ ثَقِيفٌ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يُرِيدُونَ - زَعَمُوا - الْقِتَالَ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِهِ، أَدَاخَ الْعَرَبَ كُلَّهَا، فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَأَعْطُوهُ مَا سَأَلَ وَصَالِحُوهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى الْوَفْدُ أَنَّهُمْ قَدْ رُعِبُوا وَخَافُوا وَاخْتَارُوا الْأَمْنَ عَلَى الْخَوْفِ وَالْحَرْبِ قَالَ الْوَفْدُ: فَإِنَّا قَدْ قَاضَيْنَاهُ، وَأَعْطَانَا مَا أَحْبَبْنَا وَشَرَطَ لَنَا مَا أَرَدْنَا، وَوَجَدْنَاهُ أَتْقَى النَّاسِ وَأَوْفَاهُمْ، وَأَرْحَمَهُمْ وَأَصْدَقَهُمْ، وَقَدْ بُورِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي مَسِيرِنَا إِلَيْهِ، وَفِيمَا قَاضَيْنَاهُ عَلَيْهِ، فَانْهُوا الْقَضِيَّةَ وَاقْبَلُوا عَاقِبَةَ اللَّهِ قَالَتْ ثَقِيفٌ: فَلِمَ كَتَمْتُمُونَا هَذَا الْحَدِيثَ وَغَمَّمْتُمُونَا بِهِ أَشَدَّ الْغَمِّ؟ قَالُوا: أَرَدْنَا أَنْ يَنْزِعَ اللَّهُ مِنْ قُلُوبِكُمْ نَخْوَةَ الشَّيْطَانِ. فَأَسْلَمُوا مَكَانَهُمْ وَاسْتَسْلَمُوا وَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ قَدِمَتْ عَلَيْهِمْ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِيرُهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَفِيهِمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute