للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، وَأَهْلَكَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْغَدْرِ، فَكَانُوا كَمَا قَالَ شَاعِرُنَا:

[البحر البسيط]

الْغَدْرُ أَهْلَكَ عَادًا فِي مَنَازِلَهَا ... وَالْبَغْيُ أَفْنَى قُرُونًا سَاكِنِي الْبَلَدِ

مِنْ حِمْيَرٍ حِينَ كَانَ الْبَغْيُ مَجْهَرَةً ... مِنْهُمْ عَلَى حَادِثِ الْأَيَّامِ وَالنَّضَدِ

ثُمَّ إِنَّ قَبَائِلَ مِنَ الْأَزْدِ نَزَلُوهَا عَلَى عَهْدِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، نَتَّجُوا فِيهَا النَّزَائِعَ، وَبَنَوْا فِيهَا الْمَصَانِعَ، وَاتَّخَذُوا فِيهَا الدَّسَائِعَ، فَكَانَ لَهُمْ سَاكِنُهَا وَعَامِرُهَا، وَقَارِبُهَا وَسَائِرُهَا، حَتَّى نَقَلَتْهَا مَذْحِجٌ بِسِلَاحِهَا، وَنَحَّتْهُمْ عَنْ بَوَادِيهَا، فَأَجْلَوْا عَنْهَا مُهَانًا، وَتَرَكُوهَا عَيَانًا، وَحَاوَلُوهَا أَزْمَانًا، ثُمَّ تَرَامَتْ مَذْحِجٌ بِأَسِنَّتِهَا، وَتَشَزَّنَتْ بِأَعِنَّتِهَا، فَغَلَبَ الْعَزِيزَ أَذَلُّهَا، وَأَكَلَ الْكَثِيرَ أَقَلُّهَا، وَكُنَّا مَعْشَرَ يُحَابِرَ أَوْتَادَ مُرْسَاهَا، وَنُظَاهِرُ أُولَاهَا، وَصَفاءَ مَجْرَاهَا، فَأَصَابَنَا بِهَا الْقُحُوطُ، وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا الْقُنُوطُ، بَعْدَمَا غَرَسْنَا بِهَا الْأَشْجَارَ، وَأَكَلْنَا بِهَا الثِّمَارَ، وَكَانَ بَنُو

<<  <  ج: ص:  >  >>