للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

، مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهَا مَا أَصَابَ عَادًا وَثَمُودًا مِنْ مَعَارِيضِ الْبَلَاءِ، وَدَوَاعِي الشَّقَاءِ، فَلَمَّا كَثُرَتْ قَحْطَانُ وَضَاقَ فِجَاجُهَا سَاقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَانْتَجَعُوا أَرْضًا أَرْضًا، وَأَقَامَتْ بَنُو عَمْرِو بْنِ خَالِدِ بْنِ جَذِيمَةَ، ثُمَّ إِنَّ قَيْسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَإِيَادَ بْنَ نِزَارٍ سَارُوا إِلَيْهِمْ فَسَاقُوهُمُ السِّمَامَ، وَأَوْرَدُوهُمُ الْحِمَامَ، فَأَجْلَوْهُمْ عَنَاءً، فَتَوَجَّهُوا مِنْهَا إِلَى ضَوَاحِي الْيَمَنِ. وَالْتَمَسَتْ إِيَادٌ النَّاصِفَ لَمَّا أَصَابُوا مِنَ الْمَغْنَمِ، فَأَبَتْ قَيْسٌ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ قَيْسٌ أَكْثَرَ مِنْ إِيَادٍ عَدَدًا، وَأَوْسَعَ مِنْهُمْ بَلَدًا، فَرَحَلَتْ إِيَادٌ إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَقَامَتْ قَيْسٌ بِبَطْنِ وَجٍّ، لَيْسَتْ لَهُمْ شَائِبَةٌ، يَأْكُلُونَ مُلَّاحَهَا، وَيَرْعَوْنَ سِرَاحَهَا، وَيَحْتَطِبُونَ طِلَاحَهَا، وَيَأْبِرُونَ نَخْلَهَا، وَيَأْرُونَ نَجْلَهَا، سَهْلَهَا وَجَبَلَهَا، حَتَّى أَوْقَدَتِ الْحَرْبَ فِي هَبَوَاتِهَا، وَخَاضُوا الْأَصَابِيَّ فِي غَمَرَاتِهَا، وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ سَرَوَاتِهَا، وَأَنَاخُوا عَلَى إِيَادٍ بِالْكَلْكَلِ، وَسَقَوْهُمْ بِصَبِيرِ النَّيْطَلِ، حَتَّى خَلَا لَهُمْ خِيَارُهُمْ وَحُزُونُهَا، وَظُهُورُهَا وَبُطُونُهَا، وَقُطُورُهَا وَعُيُونُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ نَعِيمَ الدُّنْيَا أَقَلُّ وَأَصْغَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خُرْءِ بُعَيْضَةَ، وَلَوْ عَدَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ ذُبَابٍ لَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ بِهَا لِحَاقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>