عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سَالِمٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ أَوْصَى: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا عَهْدٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ دَاخِلًا فِيهَا، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ، وَيَتَّقِي الْفَاجِرُ، وَيَصْدُقُ الْكَاذِبُ، إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ مِنْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنْ قَصَدَ وَعَدَلَ فَذَاكَ ظَنِّي بِهِ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَالْخَيْرَ أَرَدْتُ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧] . ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ، أَبْغَضَكَ مُبْغِضٌ، وَأَحَبَّكَ مُحِبٌّ، وَقَدْ مَا يُبْغَضُ الْخَيْرُ وَيُحَبُّ الشَّرُّ قَالَ عُمَرُ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا قَالَ: لَكِنْ لَهَا بِكَ حَاجَةٌ، قَدْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٦٧٣⦘ وَصُحْبَتَهُ، وَرَأَيْتَ أَثْرَتَهُ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ، حَتَّى أَنْ كُنَّا لَنُهْدِيَ لِأَهْلِهِ فَضْلَ مَا يَأْتِينَا مِنْهُ، وَرَأَيْتَنِي وَصَحِبْتَنِي، وَإِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ فَحَلَمْتُ، وَلَا شَبَّهْتُ فَتَوَهَّمْتُ، وَإِنِّي عَلَى طَرِيقِي مَا زِغْتُ، تَعْلَمُ يَا عُمَرُ أَنَّ لِلَّهِ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَثْقُلَ، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أُحَذِّرُكَ نَفْسُكَ، وَأُحَذِّرُكَ النَّاسَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ طَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ، وَانْتَفَخَتْ أَجْوَافُهُمْ، وَإِنَّ لَهُمْ لَحِيرَةٌ عَنْ ذِلَّةٍ تَكُونُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَهُ، وَإِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا خَائِفِينَ لَكَ فَرِقِينَ مِنْكَ مَا خِفْتَ مِنَ اللَّهِ وَفَرِقْتَهُ، وَهَذِهِ وَصِيَّتِي، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute