للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَعْطَاهُ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْضَ سَهْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ إِلَّا جَمِيعًا، فَضَرَبَهُ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَجَمَعَ شَعْرَهُ وَرَحَلَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ جَرِيرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنَا أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْهُ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي خَبِيئَةٍ فَأَخْرَجَ شَعْرَهُ فَضَرَبَ بِهِ صَدْرَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «صَدَقَ وَاللَّهِ لَوْلَا النَّارُ» ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنْتُ رَجُلًا ذَا سَوْطٍ وَنِكَايَةٍ وَأَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ فَضَرَبَنِي أَبُو مُوسَى عِشْرِينَ سَوْطًا وَحَلَقَ رَأْسِي، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَأَنْ يَكُونَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى مِثْلِ صَرَامَةِ هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَمِيعِ مَا أَفَاءَ عَلَيْنَا، فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي بِكَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ فَعَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا قَعَدْتَ لَهُ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِ فِي خَلَاءٍ لَمَا قَعَدْتَ لَهُ فِي خَلَاءٍ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: اعْفُ عَنْهُ، فَقَالَ: لَا أَعْفُو عَنْهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا صَعِدَ أَبُو مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِيَقْتَصَّ مِنْهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ لَكَ "

<<  <  ج: ص:  >  >>