للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، فَقَدِمَ الْجَارُودُ سَيِّدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ⦗٨٤٣⦘ فَقَالَ: إِنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ فَسَكِرَ، ثُمَّ إِنِّي رَأَيْتُ حَدًّا حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَهُ إِلَيْكَ، قَالَ: مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ؟ قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَمَا تَشَهَّدُ؟ قَالَ: لَمْ أَرَهُ حِينَ شَرِبَ؟ وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ سَكْرَانَ يَقِيءُ، قَالَ: «لَقَدْ تَنَطَّعْتَ فِي الشَّهَادَةِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى قُدَامَةَ أَنْ يَقْدَمَ، فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَامَ الْجَارُودُ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ، قَالَ: «أَخَصْمٌ أَنْتَ أَمْ شَهِيدٌ؟» قَالَ: لَا، بَلْ شَهِيدٌ، قَالَ: «قَدْ أَدَّيْتَ شَهَادَتَكَ» ، فَصَمَتَ الْجَارُودُ حَتَّى غَدَا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى هَذَا حَدَّ اللَّهِ، فَقَالَ: «مَا أَرَاكَ إِلَّا خَصْمًا، وَمَا أَرَاكَ شَهِدَ مَعَكَ إِلَّا رَجُلٌ» ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: «لَتُمْسِكَنَّ لِسَانَكَ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ؟» قَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِالْعَدْلِ، يَشْرَبُ ابْنُ عَمِّكَ وَتَسُوءُنِي؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ جَالِسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كُنْتَ تَشُكُّ فِي شَهَادَتِنَا فَأَرْسِلْ إِلَى ابْنَةِ الْوَلِيدِ فَسَلْهَا وَهِيَ امْرَأَةُ قُدَامَةَ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى هِنْدٍ بِنْتِ الْوَلِيدِ يُنَاشِدُهَا، فَأَقَامَتِ الشَّهَادَةَ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنِّي جَالِدُكَ يَا قُدَامَةُ» ، فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَجْلِدَنِي، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] حَتَّى قَرَأَ الْآيَةَ، قَالَ: إِنَّكَ أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ يَا قُدَامَةُ، إِنَّكَ إِذَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَشَارَ النَّاسَ ⦗٨٤٤⦘ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ، قَالُوا: لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا دَامَ وَجِعًا قَالَ: «لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي، إِيتُونِي بِسَوْطٍ» ، فَأَمَرَ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ، فَغَاضَبَهُ قُدَامَةُ وَهَجَرَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ وَحَجَّ قُدَامَةُ، فَلَمَّا رَجَعَ وَنَزَلَ السُّقْيَا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ نَوْمِهِ، فَقَالَ: " عَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى فِي النَّوْمِ أَنَّ آتِيًا أَتَانِي فَقَالَ: سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنَّهُ أَخُوكَ، فَعَجِّلُوا عَلَيَّ بِقُدَامَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَبَى قُدَامَةُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَقَالَ: «لِيَأْتِيَنِي أَوْ لَيُجَرَّنَّ فَأَتَاهُ فَصَالَحَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا»

<<  <  ج: ص:  >  >>