للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَتَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى سَعِيدٍ: «انْظُرْ ابْنَ ذِي الْحَبَكَةِ فَاضْرِبْهُ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَحَوِّلْ دِيوَانَهُ إِلَى الرَّيِّ» . فَضَرَبَهُ سَعِيدٌ عِشْرِينَ سَوْطًا وَسَيَّرَهُ إِلَى جَبَلِ دَنْبَاوَنْدَ. فَقَالَ كَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ:

[البحر الطويل]

أَتَرْجُو اعْتِذَارِي يَا ابْنَ أَرْوَى وَرَجْعَتِي ... عَنِ الْحَقِّ قِدْمًا غَالَ حِلْمَكَ غُولُ

وَإِنَّ دُعَائِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... عَلَيْكَ لِمَا أَسْدَيْتَهُ لَطَوِيلُ

وَإِنَّ اغْتِرَابِي فِي الْبِلَادِ وَجَفْوَتِي ... وَشَتْمِي فِي ذَاتِ الْإِلَهِ قَلِيلُ

فَبَلَغَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشِّعْرُ، فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ: قَدْ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدِ احْتَمَلْتُ فِي ابْنِ ذِي الْحَبَكَةِ حُوبَةً، فَسَرِّحْ إِلَيْهِ مَنْ يَقْدَمُ بِهِ إِلَيْكَ، ثُمَّ احْمِلْهُ إِلَيَّ. فَبَعَثَ سَعِيدٌ بُكَيْرَ بْنَ حُمْرَانَ الْأَحْمَرِيَّ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ ذَهَبَ بِهِ - فَرَدَّهُ، ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا أَخَا بَنِي نَهْدٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ لَحَقًّا، وَقَدْ كَانَتْ مِنِّي طِيَرَةٌ فَكَتَبْتُ إِلَى سَعِيدٍ آمُرُهُ أَنْ يَضْرِبَكَ عِشْرِينَ سَوْطًا، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، فَإِنْ شِئْتَ تَقْتَصُّ فَاقْتَصَّ» . قَالَ: أَقْتَصُّ. فَنَزَعَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَمِيصَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّوْطَ، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ. فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ لَامَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>