للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَلَّاهُ، وَخَرَجَ مَعَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يَنْظُرُونَ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ مِصْرَ وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانُوا عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثِ لَيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِذَا هُمْ بِغُلَامٍ أَسْوَدَ عَلَى بَعِيرٍ يَخْبِطُ خَبْطًا كَأَنَّهُ رَجُلٌ يَطْلُبُ أَوْ يُطْلَبُ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: مَا قِصَّتُكَ وَمَا شَأْنُكَ؟ كَأَنَّكَ هَارِبٌ أَوْ طَالِبٌ؟ فَقَالَ: أَنَا غُلَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَّهَنِي إِلَى عَامِلِ مِصْرَ. قَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَذَا عَامِلُ مِصْرَ مَعَنَا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ. وَأَخْبَرُوا بِأَمْرِهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ رِجَالًا، فَأَخَذُوهُ فَجَاءُوا بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا غُلَامُ مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقْبَلَ مَرَّةً يَقُولُ: غُلَامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَرَّةً يَقُولُ: غُلَامُ مَرْوَانَ، حَتَّى عَرَفَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ لِعُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِلَى مَنْ أُرْسِلْتَ؟ قَالَ: إِلَى عَامِلِ مِصْرَ. قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِرِسَالَةٍ. قَالَ: أَمَعَكَ كِتَابٌ؟ قَالَ: لَا، فَفَتَّشُوهُ فَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ كِتَابًا، وَكَانَتْ مَعَهُ إِدَاوَةٌ قَدْ يَبِسَتْ، فِيهَا شَيْءٌ يَتَقَلْقَلُ، فَحَرَّكُوهُ لِيَخْرُجْ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَشَقُّوا الْإِدَاوَةَ فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ مِنْ عُثْمَانَ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَجَمَعَ مُحَمَّدٌ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ فَكَّ الْكِتَابَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ فَإِذَا فِيهِ: إِذَا أَتَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَاحْتَلْ لِقَتْلِهِمْ، وَأَبْطِلْ كِتَابَهُ، وَقَرَّ عَلَى عَمَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ، وَاحْبِسْ مَنْ يَجِيءُ إِلَيَّ يَتَظَلَّمُ مِنْكَ، لِيَأْتِيكَ رَأْيٌ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: فَلَمَّا قَرَأُوا الْكِتَابَ فَزِعُوا وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَخَتَمَ مُحَمَّدٌ الْكِتَابَ بَخَوَاتِيمِ نَفَرٍ كَانُوا مَعَهُ، وَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَمَعُوا طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيًّا وَسَعْدًا وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ فَكُّوا الْكِتَابَ بِمَحْضَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>