حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ فَأَنْكَرَهُ الْبَوَّابُونَ فَلَمْ يَأْذَنُوا لَهُ، وَجَاءَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ الْحَجَّاجَ فَأَذِنَ لَهُ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ، وَأَمَرَ الْحَجَّاجُ رَجُلَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّرِيرَ أَنْ يُوسِعَا لَهُ، فَجَلَسَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لِلَّهِ أَبُوكَ، أَتَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ⦗١١٨٣⦘ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ عَنْ جَدِّكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ؟ قَالَ: أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرُبَّ حَدِيثٍ؟ قَالَ: حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ حِينَ حَصَرُوا عُثْمَانَ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ: أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ فَانْطَلَقَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَوَسَّعُوا لَهُ حَتَّى دَخَلَ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ. مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ؟ قَالَ: وَقَدْ عَزَمَ عُثْمَانُ عَلَى النَّاسِ فَخَرَجُوا عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جِئْتُ حَتَّى تُسْتَشْهَدَ أَوْ يَفْتَحَ اللَّهُ لَكَ، وَلَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا قَاتِلِيكَ، فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَذَاكَ خَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ خَيْرًا يَسُوقُهُ اللَّهُ بِكَ أَوْ شَرًّا يَدْفَعُهُ اللَّهُ بِكَ. فَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأَوْهُ اجْتَمَعُوا لَهُ وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ مَا يَسُرُّهُمْ، فَقَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ مَنْ أَطَاعَهُ، وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ، وَأَظْهَرَ مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ اخْتَارَ لَهُ الْمَسَاكِنَ فَاخْتَارَ لَهُ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ وَدَارَ الْإِيمَانِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مُذْ قَدِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ، وَمَا زَالَ سَيْفُ اللَّهِ مُغْمَدًا عَنْكُمْ مُذْ قَدِمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ» ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهَدْيِ اللَّهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ الْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ فِيمَا مَضَى إِلَّا قُتِلَ بِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ ⦗١١٨٤⦘، وَلَا قُتِلَ خَلِيفَةٌ قَطُّ إِلَّا قُتِلَ بِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ فَلَا تَعْجَلُوا عَلَى هَذَا الشَّيْخِ بِقَتْلِ الْيَوْمِ، فَوَاللَّهِ لَا قَتَلَهُ مِنْكُمْ رَجُلٌ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَقْطُوعَةً يَدُهُ مُشَلَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَالِدٍ عَلَى وَلَدٍ حَقٌّ إِلَّا وَلِهَذَا الشَّيْخُ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ» . قَالَ: فَقَامُوا وَقَالُوا: كَذَبَ الْيَهُودِيُّ كَذِبَ الْيَهُودِ. فَقَالَ: " كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَثِمْتُمْ، مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ، إِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْلَمُ اللَّهُ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣] وَتَلَا الْآيَةَ الْأُخْرَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: ١٠] " قَالَ: فَقَامُوا فَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ فَذَبَحُوهُ كَمَا تُذْبَحُ الْحُلَّانُ. قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: مَا الْحُلَّانُ؟ فَقَالَ: الْحَمَلُ، قَالَ: وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِلَى الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَقَالَ: «يَا أَهْلَ مِصْرَ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، قَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا وَاللَّهِ لَا يَزَالُ بَعْدَهُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ، وَمَالٌ مَقْسُومٌ مَا بَقِيتُمْ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute